للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: إن كانت المرأة عالمة بصحة نكاحها من الأول وفي عصمته فإنه يتوجه إقامة الحد الشرعي عليها لقاء ما أقدمت عليه من الزنا، وإن ادعت الجهل والتأويل لكونها انفسخ نكاحها فيه بمماطلته، ونحو ذلك، فتعزر بما يردعها ويزجرها ويُدرأ عنها الحد لكون الحدود الشرعية تدرأ بالشبهات، ولكنها تعزر عند انتفاء الحد الشرعي، وكان الواجب في حقها على فرض تأويلها وجهلها سؤال أهل العلم والرجوع إليهم قبل الإقدام على الزواج من الثاني، فإن الأبضاع أمرها عظيم يجب الاحتياط لها وحفظها ورعايتها، كما كان الواجب عليها بيان حالها للزوج الثاني، لا أن تدلس عليه وتغشه وتخدعه، لكن بما أنكم في بلد الكفار لا يحكم فيها بشرع الله مما يتعذر معه إقامة الأحكام والحدود الشرعية فإنني أنصح هذه المرأة بضرورة وسرعة التوبة النصوح لله -عز وجل- ومن تاب تاب الله عليه إن صدق في توبته وأخلص في أوبته.

رابعاً: يجب على المرأة العدة الشرعية لوطء الزوج الثاني لها، فلا يحل لزوجها الأول وطؤها حتى تعتد من الثاني.. وعدتها هنا بوضع حملها لعموم قوله تعالى: "وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن" [الطلاق:٤] ، فهي حامل فلا يقربها الأول حتى تضع حملها من الثاني، فإن وضعته حلَّ للأول جماعها.

خامساً: أما إلحاق الولد نسباً، فما دام الزوج الثاني يعتقد حل هذا النكاح من المرأة لجهله بكونها في عصمة رجل قبله فإن هذا الحمل يلحق به؛ لكونه وطئها وطء شبهة، والنسب يلحق الواطئ في وطء الشبهة، كما قرره أهل العلم، فقد ذكر ابن قدامة - رحمه الله- في المغني (٩/٤٣١) فيما لو زوج المرأة وليان فالنكاح للأول، فإن دخل بها الثاني وهو لا يعلم أنها ذات زوج فرق بينهما ولحق حملها منه به لكونه وطء شبهة وعليها العدة الشرعية فلا يحل وطؤها للأول إلا بعد انقضائها، وكما ذكر ابن قدامة وغيره من الفقهاء - رحمهم الله- هذا المعنى فيمن تزوج امرأة في عدتها وهو لا يعلم أنها معتدة أو يجهل تحريم نكاح المعتدة مع أن نكاحها باطل بإجماع أهل العلم، ومع ذلك إن كان وطئها بشبهة الجهل فيلحقه النسب، والأدلة الشرعية دلت على رغبة الشارع في حفظ الأنساب وعدم إضاعتها توجب أن يعتنى بذلك وألا يضاع أي نسب مهما وجد لذلك سبيل شرعي.

وأما إن كان الزوج الثاني عالماً بأن المرأة ذات زوج فلا يلحقه نسب هذا الحمل لكونه زانياً ويتوجب عليه إقامة الحد الشرعي حسب حاله من كونه محصناً أو غير محصن، ولكن - ظاهر السؤال- أن الزوج الثاني لا يعلم بحال المرأة فهو معذور ويلحقه نسب الحمل الذي حملته المرأة منه.

سادساً: ليس للمرأة المهر على الثاني؛ لأنها مكنته من نفسها مطاوعة عالمة بزواجها من الأول فليس لها عليه المهر. (المغني ٩/٥٢٨) . والله -تعالى- أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>