بدأت فكرة النشوء والارتقاء عندما قدم دارون نظريته سنة (١٨٥٩) في كتابه (أصل الأنواع) ، فظهرت هذه الفكرة وشاع معها القول بالتولد الذاتي المستقى من فلسفة أرسطو اليونانية، وأضحت هذه الفكرة محوراً لمعتقدات كثير من الغربيين، ليس في الحقل التجريبي فحسب، بل في الفكر والفلسفة والعلوم الإنسانية -أيضاً-، وملخص نظرية دارون: أن أصل الحياة خلية كانت في مستنقع أو بحر قبل ملايين السنين، ثم تطورت هذه الخلية ومرت بمراحل، منها: مرحلة القرد الذي تطور هو بدوره ليكون منه هذا الإنسان، وهذه العملية كلها من فعل الطبيعة، وهو ما عبر عنه دارون بقوله:"الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق".
وهذه النظرية من الناحية العلمية والعقلية منقوضة، ذلك بأنها افترضت أن الطبيعة ذات إرادة وقدرة شاملة وتحكم ونظام ذاتي، بحيث تنتخب الأفضل والأقوى ثم تزعم النظرية في الوقت نفسه أن الطبيعة تعطي وتحرم بدون خطة مرسومة بل بعشوائية، وترسم النظرية خط التطور ذاته وهو متعرج مضطرب لا يسير على قاعدة منطقية مطردة، وتزعم النظرية -بدون تقديم أي دليل- أن هذه المخلوقات متسلسلة وراثياً ينتج بعضها عن بعض بطريقة التعاقب خلال عملية التطور البطيئة الطويلة، وهذا الأصل لم يتمكنوا من إيجاد أي دليل عليه، وذلك لوجود حلقات مفقودة في سلسلة التطور التي يزعمونها.
وقد بين جليان هكسلي أحد أتباع هذه النظرية نقاط ضعفها والثغرات العلمية فيها.
وكذلك آرثر كيت الدارويني المتعصب الذي أفاد بأن هذه النظرية بدون براهين، وذلك في قوله "إن نظرية النشوء والارتقاء لا زالت بدون براهين وستظل كذلك، والسبب الوحيد في أننا نؤمن بها هو أن البديل الوحيد الممكن لها هو الإيمان بالخلق المباشر، وهذا غير وارد على الإطلاق".
وتزعزعت النظرية بشكل كبير عند علماء الطبيعيات الغربيين بعد ظهور قانون مندل الوراثي، واكتشاف وحدات الوراثة (الجينات) بوصفها الشفرة السرية للخلق، واعتبار أن الكرموزومات تحمل صفات الإنسان الكاملة، وتحفظ الشبه الكامل للنوع، أما التشابه بين الكائنات الحية فهو دليل ضد نظرية دارون؛ لأن هذا التشابه يدل على وحدانية الخالق، ولا يدل على وحدة الأصل، بحيث تفرعت من الأصل كل الأنواع كما يزعم أصحاب نظرية النشوء والارتقاء، والنظرية إضافة إلى ذلك بل قبل ذلك كله هي من الناحية الدينية باطلة مناقضة للإسلام، فالإسلام وكافة الأديان السماوية تؤمن بوجود الله -تعالى- الذي خلق كل شيء وأحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم نفخ فيه الروح، ثم جعله يتناسل من نطفة تنتقل إلى طور العلقة، فطور المضغة إلى أن يكتمل، ثم انتقل من طور الجنين إلى طور الطفل إلى طور الشباب، وهكذا.
والإنسان يبقى إنساناً بشكله وعقله وصفاته منذ خلق الله آدم -عليه السلام-، وإن حصل فيه تقاصر في خلقته وضعف في بنيته.