وقال سعيد بن المسيب في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها الأول، ولم يشعر بذلك زوجها الأول ولا المرأة. قال: إن كان إنما نكحها ليحلها فلا يصلح ذلك لهما ولا تحل له. إغاثة اللهفان (١/٢٧٤) ، الفتاوى الكبرى (٣/١٠١) .
وقال مالك بن أنس -رحمه الله تعالى-: "لا يحلها إلا نكاح رغبة، فإن قصد التحليل لم تحل له، وسواء علما أو لم يعلما لا تحل، وينفسخ نكاح من قصد إلى التحليل، ولا يقر على نكاحه قبل الدخول وبعده" أ. هـ الفتاوى الكبرى (٣/١٠٢) .
المسألة الثانية: نية المطلقة، هل تزوجت لتحل لزوجها الأول، أم تزوجت زواج رغبة لا تحليل؟
فإن تزوجت زواج رغبة لا تحليل، فطلقها زوجها الثاني بعد جماعها فقد حل لمطلقها الأول نكاحها بعد انتهاء العدة.
أما إن قصدت المطلقة من النكاح التحليل ونوته فهذا محل خلاف بين العلماء.
قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "إن قصدت المرأة التحليل أو وليها دون الزوج، لم يؤثر ذلك في العقد. وقال الحسن، وإبراهيم: إذا هم أحد الثلاثة، فسد النكاح.
قال أحمد: كان الحسن وإبراهيم والتابعون يشددون في ذلك. قال أحمد: الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ ". ونية المرأة ليس بشيء، إنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله المحلل والمحلل له". ولأن العقد إنما يبطل بنية الزوج؛ لأنه الذي إليه المفارقة والإمساك، أما المرأة فلا تملك رفع العقد، فوجود نيتها وعدمها سواء، وكذلك الزوج الأول لا يملك شيئاً من العقد، ولا من رفعه، فهو أجنبي كسائر الأجانب، فإن قيل: فكيف لعنه النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قلنا: إنما لعنه إذا رجع إليها بذلك التحليل؛ لأنها لم تحل له، فكان زانياً، فاستحق اللعنة لذلك" أ. هـ المغني (٧/١٣٩) .
والخلاصة: أن المرأة إن لم تقصد من هذا النكاح التحليل، وكذا لم يقصده الزوج الثاني فلا حرج عليك في طلب نكاحها، أما إن قصد الزوج الثاني ذلك فلا يحل لك نكاحها، وإن قصدت المرأة ذلك فالأحوط الابتعاد عن ذلك. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.