أولاً:- أن كل ما يصيبنا سواء على المستوى الفردي أو الجماعي والذي يصيب الأمة جميعها إنما هو قد كان بقضاء الله وقدرة وأن الله قد قدره قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما ثبت ذلك عن المصطفي صلى الله عليه وسلم. الله حينما أمرنا بالإيمان بالقدر خيره وشره وجعله الركن السادس من أركان الإيمان إنما يكون هذا وقته وهذا أوان إظهاره. فإظهاره لا يكون وقت الدعة والراحة بل في وقت الأزمة والمصيبة، ولذلك فيكون التسخط منا قضاً تماماً لهذا المبدأ ومعطلاً له ومبطلاً العمل به.
إننا ونحن نرى هذه الحرب على إخواننا المسلمين في العراق يجب أن ندرك أن ذلك لم يكن ليتم لولا أن الله قد قدره وكتبه وأنها مصيبة لم تكن لتخطئنا حين أصابتنا ولم تكن لتصيبنا لو أخطئنا.
ثانياً: أن كل ما يصيب الأمة على المستوى الجماعي وما يصيب الإنسان على المستوى الشخصي إنما يأتيها وينالها بما كسبت أيدي الناس بل هو من عند أنفسهم وبسبب أفعالهم. {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} آل عمران.
فالأمة اليوم لا يشك أحد أنها قد تجاوزت كثيراً وقصرت في حق الله تعالى وانتشر الظلم فيما بينها فالقوي يسيطر على الضعيف ويسلبه حقه ... والفساد المالي من الرشاوي والربا قد أثقل كاهل المستضعفين الجهل وقلة التعليم وبغي الناس بعضهم على بعض هي فقط مظهر من مظاهر البؤس والظلم الذي حل بأفراد هذه الأمة حتى صار حق الفرد والمواطن في البلاد الإسلامية من أبخس الحقوق على هذه الأرض ... أليست هذه كلها مصائب نجلبها نحن على أنفسنا؟ ألسنا نستحق عقاب الله سبحانه وتعالى حينما تنزل بالأمة مثل هذه الأزمات التي لا تكاد تنفك عنها؟
ثالثاً: الأمل لا بد أن يكون موجوداً على الدوام والثقة بالله وبنصره لابد أن تكون حاضرة يستشعرها كل شخص وكل إنسان فهذا هو مقتضى الإيمان لقضاء الله وقدره كما أسلفنا. الأحاديث الواردة على النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جداً التي تذكر بنصرة هذا الدين والتمكين له وانتشاره في أرجاء المعمورة.
المسلمون اليوم يشكلون خمس العالم وهم يتضاعفون كل ثلاثين سنة كما تشير البيانات الدولية بذلك وما ذلك إلا مصداقاً لأقوال النبي عليه الصلاة والسلام. الإسلام والمسلمون وهم في هذه الحالة المزرية والهوان الشديد إلا انه تكثر مكتسباته يوماً بعد آخر وهذا كله مما يبعث على الثقة بالله تعالى وعلى الطمأنينة وزيادة الفرحة والبهجة والسرور التي تملئ قلب الإنسان المسلم.
أيها الأخ الكريم ...
قد تتسائل عن الدور الذي يمكن أن يعمله الشخص العادي في مثل هذه الأزمات فأقول هناك أمور أساسية يجب أن لا يغفل عنها المرأ وهي:
١- الدعاء المتواصل والإلحاح على الله بأن يكفي المسلمين شر هذه المحن وأن يصلح أحوالهم ويبدلها بخير منها. الدعاء سلاح يجهله الكثيرون لقلة بصيرتهم وعجلتهم في الأمر ولا يدركون أن الأحوال يغيرها الله ربما بسبب دعوة صادقة من قلب مخلص لله سبحانه.
٢- الإيمان التام أن هذه المصائب وإن بدا ظاهراً أنها شر على المسلمين إلا أنها تبقى في حقيقتها تحمل الكثير من الخير للمسلمين على المدى البعيد والتاريخ شاهد بذلك.