بنتي الكريمة: إن شعوركم بضرورة تواجدكم حول أمك، وقربكم منها هو شعور غاية في النبل، والاعتراف بالجميل.. ولكني آمل منك -خاصة وأمك اجتماعية كما هو واضح- أن يكون لك دور، وأن تحرضي من يعقل إخوتك على ممارسة مثله في إشعار أمك (العمق) أنكم لا تزالون بحاجة (ماسة) إليها، وأنكم لا تتخيلون أنفسكم دونها، وأنكم تسألون الله تعالى -دائماً- أن يمد في عمرها، ويفترض ألا ينتهي الأمر عند هذا الحد، وإنما تحاولون استشارتها، خاصة فيما تعلمون مسبقاً رأيها فيه، ثم تثنون على رأيها ذاك.
كما أنه من الجميل تذكيرها بماضيها (الجميل) ، وكيف أنها -حين كانت شابة لم تكن في مثل كسل شابات هذا (الوقت) !!، وكيف كانت (فائقة) في الكلام والتأثير، وفي جوانب كثيرة، مما كان يستدعي إعجاب الآخرين بها، والتفافهم حولها، وقربهم منها. وأن (الكثيرين) لا يزالون يحبونها، ويتمنون القرب منها، لكن ظروف الحياة، ومشاغل الناس، وتباعد الديار لا يتيح لهم فرصة التواصل.
بنتي الكريمة: لعلك تلاحظين أن كل ما ذكرته لا يحتاج إلى (تبضع) ، ولا يترتب عليه دفع (فواتير) ، وكل ما يحتاجه لون من (ترويض) النفس! وباختصار فالذي يبدو لي أن والدتك -التي كانت يوماً ما في (عين) العاصفة وبؤرة الاهتمام، ثم رأت بعينها أن (جليد) ذلك الاهتمام مستمر في الذوبان، وأن دوائر الاهتمام بدأت تضيق، لتجد نفسها (شبه) وحيدة في بيتها، ولتثور من داخلها (عاصفة) حنق على نفسها ومن حولها -هي بحاجة إلى من يعيد لها (شريط) الذكريات، ويشعرها بـ (قيمة) وجودها العائلي والاجتماعي من جهة ثانية، وأعتقد أنك بإذن الله- من خلال ما سبق التحدي أمامك- قادرة على القيام بدور (كبير) معها.. ليبقى السؤال في المستقبل: هل ستفيدين من (درس) أمك بين أولادك في المستقبل!؟ أعانك الله على بر أمك، وفقك وإياها الصراط المستقيم.