للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس كل سب للصحابة - رضي الله عنهم - كفر، بل بعضه فسوق وبعضه كفر، ولا يعرف بسند صحيح أن معاوية -رضي الله عنه- فعل ذلك إلا ما ينقل في كتب التاريخ والأدب، وأسانيد هذه الكتب مثقلة بالوهن والضعف، ومن المؤكد أن معاوية - رضي الله عنه - وبني أمية لا يسبون الصحابة- رضي الله عنهم- كما تفعل الشيعة الرافضة الذين لا يكتفون بشتمهم واتهامهم بالشذوذ الجنسي، والزنا، واللواط، بل يكفرونهم ويخرجونهم من الملة، والمؤمن العاقل لا يهدر نفسه ووقته ومشاعره في تتبع فتن سلمنا الله من الوقوع فيها، والنفوس المترعة بالسلبيات هي التي تتبع أردى أحوال الناس وأقوالهم وتنغمس في ذلك وتعيش في أجوائه وتبتغي جر الناس إلى ذلك وتبحث عن أسباب الشنآن والبغضا. وما حصل بين الصحابة- رضي الله عنهم- من فتن قد تجاوزت حد الأقوال إلى الدماء، ولكن أهل العلم والإيمان يتركون ذلك ويعرضون عنه، ويقولون: "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون" [البقرة:١٣٤] ، ويعتبرون ما جرى بين الصحابة - رضي الله عنهم- باجتهاد منهم وبحث عن الأفضل والأجود للأمة، ولكن أخطأ بعضهم في الاجتهاد وأصاب آخرون، ولاشك أن عليا -رضي الله عنه - كان هو المصيب، ولكن ذلك لا يقتضي شتما ولا تكفيراً لغيره، كما كان يفعل علي نفسه -رضي الله عنه-، وكما فعل أبناؤه وأحفاده من بعده، الحسن والحسين وزين العابدين وجعفر الصادق وزيد بن الحسين وعلي الرضا وغيرهم، ولكن الأهواء الضالة قادت بعض الناس إلى استنبات أحقاد واستخراج مآسي وإلهاب مشاعر العامة والخاصة بها تأجيجا للصراع وتحريكا للأحقاد، والعاقل الفطن والمؤمن التقي يحرص على ما ينجيه عند الله، وما يكون سببا في صلاح حال أمة الإسلام ولمن شملها وتوحيد جهودها. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>