لهذه الأمور وغيرها كان أبو هريرة أكثر الصحابة –رضي الله عنهم- حديثاً، وقد شاركه الصحابة –رضي الله عنهم- في رواية ما رواه من الحديث حيث يوجد أكثر ما رواه عند غيره من الصحابة –رضي الله عنهم-، وقد تلقى عن أبي هريرة-رضي الله عنه- زهاء ثمانمائة نفس كما ذكر البخاري، ومن بين هؤلاء الرواة أئمة أعلام من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والتابعين لهم بإحسان وأئمة آل البيت مثل: علي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن الحنفية، وغيرهما، وهذا العدد الكبير يدل على حرصهم ورغبتهم في سماع الحديث من أبي هريرة –رضي الله عنهم- لما يعلمون من ضبطه وإتقانه وصدقه، ومن المعلوم أن الصحابة –رضي الله عنهم- كلهم عدول كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد بإجماعهم من الأمة، والطعن في عدالتهم وتنقصهم من سمات أهل الزندقة والضلال، قال أبو زرعة الرازي:" إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة –رضي الله عنهم-، وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، فالجرح بهم أولى "وقال الخطيب: " عدالة الصحابة –رضي الله عنهم- ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، واخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن فمن ذلك قوله –تعالى-: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" [آل عمران:١١٠] وقوله: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً" [البقرة:١٤٣] ، وقوله: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً"