للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شك أن جملة: يا رسول الله أو يا حبيب الله -صلى الله عليه وسلم- جملة نداء، والنداء إنما يكون حقيقة لمن هو قادر على السماع ليجيب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ميت لا يسمع نداءنا ولا يجيب مناديه، وما قاله هذا الرجل لا يخلو إما أن يريد به الاستغاثة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا من الشرك الأكبر، لأن الدعاء عبادة وهي لا تصرف إلا لله -عز وجل-، قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: ٥٦] ، وقال: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه" [الإسراء: ٢٣] ، وإما أنه يتوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أي يتوسل بجاهه -صلى الله عليه وسلم- أو بحقه أو بذاته، مثل أن يقول الإنسان: يا رسول الله اشفع لي عند ربك، أو أدعُ الله لي بكذا وكذا فهذا بدعة ومن وسائل الشرك ولا يجوز فعله معه -صلى الله عليه وسلم- ولا مع غيره؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ميت لا يسمع كلامنا، وفي قصة استسقاء عمر -رضي الله عنه- بعم النبي -صلى الله عليه وسلم- العباس -رضي الله عنه- خير دليل على ذلك، إذ لو كان ذلك مشروعاً لتوجه عمر -رضي الله عنه- إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- واستشفع به، ولكنه لم يفعل وأخبر أن الناس كانوا يستسقون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته، وبعد مماته -صلى الله عليه وسلم- استسقوا بحي يسمع الكلام، وطلبوا منه أن يدعو الله لهم انظر ما رواه البخاري (١٠١٠) من حديث أنس -رضي الله عنه-.

وقد تكون هذه الكلمة جارية مجرى العادة ويغلب على المرء قولها دون أن يقصد من ورائها شيئاً، وهذا خطأ ينبغي على المرء تركه وتجنبه؛ لما فيه من التشبه بفعل من يخشى عليه من الشرك أو البدعة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>