وقد جاءت في ذلك روايات بألفاظ متقاربة، وهذا الدعاء المسئول عنه هو -كما ذكر السائل- دعاء مبتدع مشتمل على ألفاظ بدعية منكرة.
فقوله في هذا الدعاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم (الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب) إلى آخره، إن كان هذا القائل يريد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي يقضي الحوائج ويحل العقد أي المشكلات فإنه شرك أكبر؛ لأنه قد جعل له صلى الله عليه وسلم ما هو من خصائص الربوبية، فإنه تعالى وحده هو الذي يوفق لحسن الخواتيم بيده الملك وبيده الخير والعطا والمنع فيفرج الكربات، ويقضي الحاجات، ويهدي من يشاء من الضلالة، -سبحانه وتعالى- ويوفق من يشاء.
وإن كان هذا القائل يريد أن التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- سبب تحصل به هذه المطالب، فذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان وينبغي أن يعلم أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم على وجوه:
أحدها: التوسل إلى الله بالإيمان به ومحبته فهذا حق، فالإيمان بالرسول وطاعته ومحبته هي أعظم الوسائل.
الثاني: التوسل بدعائه، وذلك إنما يكون في حياته، كما قال عكاشة بن محصن: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال:"أنت منهم". صحيح البخاري (٦٥٤١) وصحيح مسلم (٢٢٠) . وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يسألونه الدعاء، فيدعو لهم، وإذا أجدبوا سألوه أن يستسقي لهم، وأما بعد وفاته فلم يكن أحد يأت إلى قبره ويسأله الدعاء، بل عدلوا في الاستسقاء إلى دعاء العباس، كما قال عمر -رضي الله عنه- اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقوا. صحيح البخاري (١٠١٠) .