الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فالخوارج الذين خرجوا على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب – رضي الله تعالى عنه- اختلف الناس في حكمهم هل هم كفار أم لا؟ والصحابة – رضوان الله تعالى عليهم- وهم القدوة لا يكفرونهم. بل إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله تعالى عنه – والذي ناله من أذاهم ما ناله، من الخروج عليه وقتاله وتكفيرهم إياه، وفي آخر الأمر قتلهم له – رضي الله تعالى عنه – لا يرى تكفيرهم، وهذا قمة الورع والإنصاف منه – رضي الله عنه- لا كما يقوله بعض أصحاب الأهواء " نكفر من كفَّرنا" فلما سئل –رضي الله عنه- عنهم: أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا. قيل له: فمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً – يعني على عكس الخوارج وما عرف من كثرة عبادتهم وذكرهم لله – تعالى -. قال: فماذا يكونون؟ قال: قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا أو كما قال – رضي الله عنه – وهذا القول طبقه عملياً علي – رضي الله تعالى عنه – ومعه الصحابة –رضي الله عنهم- فلم يعاملهم معاملة المرتدين كما كان في زمن أبي بكر – رضي الله تعالى عنهم- فلم يبدأهم بقتال ولم يجهز على جريحهم ولم يسب نساءهم ... إلخ. وهذا هو الصحيح في الحكم على الخوارج، والأحاديث التي وردت فيهم من قول النبي – صلى الله عليه وسلم –:"بأنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية" رواه البخاري (٤٣٥١) ،ومسلم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- وقوله –صلى الله عليه وسلم-:" كلاب أهل النار" رواه ابن ماجة (١٧٦) من حديث أبي أمامة –رضي الله عنه-، وأمره- صلى الله عليه وسلم – بقتالهم والثناء على من قتلهم أو قتلوه فيما رواه البخاري (٣٦١١) ، ومسلم (١٠٦٦) من حديث علي –رضي الله عنه- فهذه النصوص لا تدل على كفرهم بأعيانهم، ولا يلزم من الأمر بالقتال أن يكونوا كفاراً، وإنما هي من نصوص الوعيد الدالة على