أما حكم الإسلام فيه، فمن المعروف أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولا يمكن تصور حزب البعث إلا بالاطلاع على تراثه الفكري، وأهم تراث فكري عند البعثيين هي كتب ميشيل عفلق "مؤسس الحزب"؛ ككتاب (في سبيل البعث) الذي نشرته دار الطليعة في بيروت سنة ١٩٥٩م، وكتاب (معركة المصير الواحد) الذي نشرته دار الآداب في بيروت عام ١٩٥٩م، وميشيل عفلق في كتبه يرى أن القومية العربية أهم من الدين، فيقول:(أنجعل قوميتنا وهي أساس حياتنا نظرية من النظريات، فنتركها عرضة لتقلبات المنطق والذوق والهوى، فننادي بها اليوم، ونؤثر عليها الأممية والشيوعية غداً، ونعتنق الدعوة الدينية بعد غد) في سبيل البعث ص ٢٤، وفي صفحة ٤٩ وفي الكتاب نفسه يسخر عفلق من الدين وشعائره التعبدية، فيقول:(فالإسلام الأممي الذي يقتصر على العبادة السطحية والمعاني العامة الباهتة أخذ في التفرنج اليوم بالفكر، وغداً بالفكر والاسم معاً) ، وفي صفحة ٣٠ يسوي عفلق بين القومية والدين فيقول:(لا خوف أن تصطدم القومية بالدين، فهي مثله تنبع من معين القلب، وتصدر عن إرادة الله، وهما يسيران متآزرين متعانقين، خاصة إذا كان الدين يمثل عبقرية القومية وينسجم مع طبيعتها) أ. هـ، وإذا تجاوزنا فكر مؤسس الحزب إلى فكر الحزب نفسه فإننا نجد أن من أهم توصيات المؤتمر القومي الرابع للحزب الوصية الرابعة التي تقول:(يعتبر المؤتمر القومي الرابع الرجعية الدينية إحدى المخاطر الأساسية التي تهدد الانطلاقة التقدمية في المرحلة الحاضرة، ولذلك يوصي القيادة القومية بالتركيز في النشاط الثقافي، والعمل على علمانية الحزب، خاصة في الأقطار التي تشوه فيها الطائفية العمل السياسي) والمتأمل لتوصيات الحزب وقراراته من خلال مؤتمراته يجد أن كلمة الدين لم ترد مطلقاً في دستوره إلا على سبيل الازدراء والسخرية، مما يؤكد علمانيته، وهذا يكفي في الحكم عليه وقد قال الله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن