فما ذكرته السائلة الكريمة عن هذا المركز وطريقته في إعطاء الإجازة، هو من جملة الوسائل والطرق في تعليم القرآن الكريم، ولا مشاحة فيها، لأنها من المصالح التي لا تخالف نصا من كتاب أو سنة، بل هي مما يعين على تحقيق ما أمر الله به في كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - حيث أمر تعالى ببلاغ دينه، وحذر من كتمانه، في عدد من الآيات كقوله تعالى:"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم"[آل عمران: ١٨٧] ، وقال تعالى:"إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار"[البقرة: ١٧٤] ، وفي الحديث الذي أخرجه أحمد (١٠٤٢٠) ، وأبو داود (٣٦٥٨) ، والترمذي (٢٦٤٩) ، وابن حبان (٩٥-٩٦) ، والحاكم (٣٥١-٣٥٢) ، وصححه الحاكم وغيره عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار"، فلا يظهر لي ما يمنعك من القسم على نحو ما شرطوا عليك إذا علمت من نفسك الوفاء بمقتضى هذه الشروط، وضابط الوفاء بهذه الشروط أن تبذلي وسعك وطاقتك في الوفاء بها، فإن حصل منك بعد هذا تقصير أو نقص فأرجو أن لا حرج عليك، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يظهر لي أن عدم إعطاء إجازة يعد من كتم العلم، وما ذكرته في سؤالك لا يدل على أن هذا المركز اشترط أن تعطي الإجازة لمن تعلمينه القرآن، وبكل حال فالمقصود تبليغ العلم وتعليم الناس، والإجازة من الوسائل وليست غاية في ذاتها، فإذا حصل تعليم القرآن الكريم للناس ونشره فيهم حتى من غير إعطاء الإجازة فقد حصل المقصود، وبرأ العالم من إثم كتم العلم، على أن أكثر المدارس والمشايخ لا يشترطون غالب هذه الشروط، ولا يلزم أن تكون الإجازة من ثلاثة من المشائخ، بل العالم المتقن الذي يحمل إجازة يحق له أن يعطي غيره من المتعلمين إجازة إذا أتقن