للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن تذكِّر هؤلاء بحقيقة دعوة الرسل كلهم، من نوح إلى محمد - عليه صلوات الله وسلامه - وهي الدعوة إلى توحيده سبحانه وإفراده بالعبادة، ولا يشرك في عبادته أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، لأن جميع أنواع العبادة من الدعاء والنذر والذبح ونحوها لا يجوز صرفها إلا لله؛ لأن العبادة حق محض لله تعالى: كما قال سبحانه: "وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ" [يّس:٦١] ، وقال سبحانه: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات:٥٦] .

فمن دعا إلى هذا الطريق، وحذَّر من ضده فقد سلك سبيل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، ومن خالفه بأن أمر الناس أن يتعلقوا بغير الله - مهما كان - في جلب النفع أو دفع الضر الذي لا يقدر عليه إلا الله - فقد شابه المشركين، وانحرف عن طريق المرسلين، الذين كانوا يدعون أنهم ما يعبدون أصنامهم إلا لتقربهم إلى الله زلفى! وأن أولئك المشركين لم يكن ينفعهم إيمانهم بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت؛ لأنهم أشركوا به في توحيد الألوهية.

الأمر الثاني: دعوى هؤلاء أن الأئمة الأربعة كانوا يحثون على التصوف، وامتدحوه، فإننا نسأل هذا المدعي: ماذا تعني بالتصوف الذي حث عليه هؤلاء الأئمة؟

إن كان المراد به الحث على العبادة والزهد في الدنيا، وحمل النفس على مكارم الأخلاق، مع الحرص على اقتفاء السنة في ذلك من غير غلو ولا شطط، ولا إتيان بطرق من التزهد والتعبد لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته الكرام - رضي الله عنهم -فهذا حق، وإن كنا لا نسلم بالتسمية (التصوف) ؛ لأنها تسمية حادثة بعد القرون المفضلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>