وأما الإمام مالك، فقد نقل عنه كلمات في هذا الموضع تؤكد ما ذكرنا، ومن ذلك قوله:"أكره تجصيص القبور، والبناء عليها، وهذه الحجارة التي يبنى عليها" كما في المدونة (١/١٨٩) والكراهة في كلام الإمام مالك هنا كراهة تحريم كما بين ذلك أصحابه، العالمون بكلامه.
وقال رضي الله عنه:(لا أرى أن يقف عند قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – يدعو، ولكن يسلم ويمضي) كما في صيانة الإنسان (ص: ٢٦٤) .
وقال القرطبي المالكي في تفسيره (١٠/٣٨٠) : "وقال علماؤنا (يعني المالكية) : "ويحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد) انتهى.
والمعنى – كما بينه القرطبي نفسه في نفس الموضع السابق – لأجل ألا يؤدي ذلك إلى عبادة من فيها، كما كان السبب في عبادة الأصنام، فحذَّر النبي – صلى الله عليه وسلم – من مثل ذلك، وسدَّ الذرائع المؤدية إليه.
وأما الإمام الشافعي – رضي الله عنه – فقد نقل عنه نحو ما نقل عن الإمام مالك – رضي الله عنه -، وأما أتباعه فكلامهم في التحذير من الشرك، وبيان وسائله كثير جداً، فمن ذلك قول النووي – رحمه الله -: (ويكره تجصيص القبر والبناء والكتابة عليه، ولو بنى مقبرة مسبلة هدمت" كما في السراج الوهاج (١/١١٤) .