وأنت تعلم بارك الله فيك، أن الأئمة الثلاثة:"أبا حنيفة ت:١٥٠هـ، مالكاً ت:١٧٩هـ والشافعي ت:٢٠٤هـ) ماتوا في القرن الثاني – إلا الشافعي ففي أول الثالث، وهذا يعني أنهم ما أدركوا من شهرته شيئاً.
وأما الإمام أحمد (ت:٢٤١هـ) فقد أدرك بعض أعلام المتصوفة، والذين كانوا في أكثر أحوالهم على السنة، ولكن صدر من بعضهم بعض الهنات والمخالفات التي كان سببها البعد عن مجالس العلم، وكان الأئمة ينكرون عليهم ما خالفوا فيه السنة، ويثنون على ما وافقوا فيه السنة من أمور الزهد والتعبد، فقد أنكر الأئمة – أحمد وغيره – ما وقع فيه بعض هؤلاء من ترك الزواج، والخروج في البراري، وتحريمهم تناول الطيبات على أنفسهم، إلى غير ذلك من ألوان الزهد المخالف للسنة.
ولم يكن الأئمة – أحمد وغيره – ينكرون هذا اعتباطاً، أو لمجرد رأي محض، بل لأن النبي – صلى الله عليه وسلم أنكر هذه الطرق من التعبد والتزهد، وذلك في القصة المشهورة التي أخرجها البخاري ومسلم، حينما جاء ثلاثة نفر، فسألوا عن عبادة النبي – صلى الله عليه وسلم – فكأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أما أنا فلا آكل اللحم وقال الآخر، أما أنا فلا أنام الليل، وقال الثالث أما أنا فلا أتزوج النساء، فنهرهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وزجرهم وقال لهم: " أما أنا فأنام, وأقوم، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". واعلم أن هذه المخالفات لم تقف عند هذا الحد، بل تطور الحال بهؤلاء المتصوفة إلى أحوال شنيعة من دعاء غير الله تعالى، وادعاء علم الغيب، والقدرة على التصرف في الكون ... الخ، ويمكنك أن تراجع في الحديث عن نشأة وتطور الصوفية: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة ١/٢٥٣ – ٢٧٨، ففيها حقائق وتوثيق لنشأة وتطور هذه الفرقة المنحرفة عن جادة السنة.
أما البيتان اللذان سألت عنهما فلم أجدهما بعد بحث طويل، وكذا الكلمة المنسوبة للإمام مالك.