وأما الأشاعرة فلا يقارنون بالغلاة من الرافضة، فهم من الفرق الإسلامية، وهم ينتسبون إلى السنة، ولا شك أنهم أقرب إلى السنة من المعتزلة؛ باعتبار ما وافقوا فيه أهل السنة واتبعوهم فيه، وإن كانوا في باب الصفات أقرب إلى المعتزلة؛ لأنهم ينفون أكثر الصفات، وفي باب الإيمان من المرجئة؛ لأن الإيمان عندهم هو التصديق، وكذلك هم في باب القدر من الجبرية، وإن كانوا لا يطلقون لفظ الجبر، لكن مذهبهم في أفعال العباد يؤول إلى مذهب الجبرية؛ لأنه على قولهم لا أثر في قدرة العبد ومشيئته في أفعاله، وهم متفاوتون ومتفاضلون، وفيهم العلماء المجتهدون، وفيهم المتعصبون كغيرهم من الطوائف، والحاصل أنه لا نسبة لهم إلى غلاة الرافضة، كما أنهم ليسوا من أهل السنة المحضة، والله يغفر للمجتهدين في طلب الحق خطأهم، كما جاء في الدعاء الذي علمه الله لعباده:(رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)[البقرة:٢٨٦] . قال الله:(قَدْ فَعَلْتُ) . أخرجه مسلم (١٢٦) . والله أعلم.