أما عن قضية جلوس أهل العلم مع أهل الفرق فقد تم على مر التاريخ وعقدت المناظرات واللقاءات، وهدى الله منهم بذلك خلقاً كثيراً، وبقي آخرون على إصرارهم وعنادهم، ولله في ذلك حكم بالغة وعبر باقية، فلا يؤدي بك ذلك إلى الشك أو الإحباط؛ لأن الله -تعالى- الذي خلق الخلق كلهم أخبر أن هناك من يضل ويشقى بسبب الإعراض عن الحق، قال -تعالى-: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى"[طه: ١٢٤] ، وقال -تعالى-: "ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً"[المائدة: ٤١] ، وقال:"ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم"[محمد: ٢٨] ، وأمرنا ودعانا إلى دعوتهم ونصحهم وإقامة الحجة عليهم بلا حزن ولا ضيق مما يمكرون، كما قال -تعالى- لنبيه - صلى الله عليه وسلم-: "ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون"[النحل: ١٢٧] ، وقال:"لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين"[الشعراء:٣] ، وقال:"فلا تذهب نفسك عليهم حسرات"[فاطر: ٨] ،وقال:"وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد"[آل عمران: ٢٠] وقال: "إنما أنت منذرٌ ولكل قوم هاد"[الرعد: ٧] .
وفق الله الجميع للزوم الصراط المستقيم، وجنبنا طريق المغضوب عليهم والضالين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.