والطرف الثاني: يظنون أنه كان رجلاً صالحاً وإماماً عدلاً وأنه كان من الصحابة الذين ولدوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحمله على يديه وبرك عليه وربما فضله بعضهم على أبي بكر وعمر.
والقول الثالث الوسط أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين، له حسنات وسيئات، ولم يولد إلا في خلافة عثمان، ولم يكن كافراً; ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين، وفعل ما فعل بأهل الحرة، ولم يكن صاحباً ولا من أولياء الله الصالحين، وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة.
ثم افترقوا ثلاث فرق:
فرقة لعنته؛ لما صدر عنه من الذنوب الكبار التي تبيح لعنته، ومن هؤلاء أبو الفرج بن الجوزي والكيا الهراسي وغيرهما.
وفرقة أحبته، ولهم مأخذان:
أحدهما: أنه مسلم ولي أمر الأمة على عهد الصحابة رضي الله عنهم وتابعه بقاياهم وكانت فيه خصال محمودة وكان متأولا فيما ينكر عليه.
والمأخذ الثاني: أنه قد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له" وأول جيش غزاها كان أميره يزيد، ومن هؤلاء الغزالي والدستي، وغيرهما.
وفرقة لا تسبه ولا تحبه، وهذا هو الذي عليه عامة أهل السنة وأئمة الأمة.
قال صالح بن أحمد: قلت لأبي إن قوما يقولون إنهم يحبون يزيد فقال: يا بني وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقلت: يا أبت فلماذا لا تلعنه؟ فقال: يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً.
وقال مهنا: سألت أحمد عن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فقال: هو الذي فعل بالمدينة ما فعل، قلت: وما فعل؟ قال: قتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل، قلت: وما فعل؟ قال: نهبها، قلت: فيذكر عنه الحديث؟ قال: لا يذكر عنه حديث، وهكذا ذكر القاضي أبو يعلى وغيره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وهذا أعدل الأقوال فيه وفي أمثاله وأحسنها) .