للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطرف الآخر: قالوا: بل كان هو الإمام الذي تجب طاعته، والذي لا ينفذ أمر من أمور الإيمان إلا به، إلى غير ذلك مما هو في أكثره ردَّة فعل على من ناصبه العداء، واستباح دمه، وغالوا بسبب ذلك في الحسين - رضي الله عنه- أكثر من غيره، وإن كان من منهجهم الغلو في جميع آل البيت، وأصبحوا يروون آثاراً في مقتله لتهييج الناس على الحزن عليه، مثل أن السماء أمطرت في يوم مقتله دماً، وأن السماء ظهرت فيها حمرة شديدة ولم تظهر قبل ذلك، وأنه ما رفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط، وما ينقلون من الأذى الذي أصاب أهل بيته وغير ذلك، وصار الشيطان بسبب قتل الحسين - رضي الله عنه- يحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء، من اللطم، والصراخ، والبكاء، والعطش، وإنشاء المراثي، وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنهم.

وبدعة أخرى يفرح أهلها بيوم المقتل وهم من المتعصبين بالباطل على الحسين رضي الله عنه، وهم في هذا العصر قليل أو لا يوجدون.

وأهل الحق يرون أن الحسين -رضي الله عنه- قتل مظلوماً شهيداً، ولم يكن متولياً لأمر الأمة، ولم يكن في وقت مقتله خارجاً على جماعة المسلمين، بل إنه طلب أن يذهب إلى ابن عمه يزيد، أو يتركوه يذهب إلى الثغور، أو يرجع إلى بلده، ولكنهم رفضوا ذلك، وطلبوا منه أن يستأسر لهم، وهذا لم يكن واجباً عليه.

وهذه المصيبة لا تجيز لنا أن نفعل غير المشروع من الاسترجاع ونحوه، فلما تقدم كان غلوهم في الحسين - رضي الله عنه- زائداً على غيره. والله -تعالى- أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>