وهذه المسألة تعرف عند العلماء بتحزيب القرآن، وقد ورد فيها حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما-، الذي رواه جمعٌ من الأئمة بينهم الأئمة الستة. البخاري (١٩٧٦) ، ومسلم (١١٥٩) ، والترمذي (٢٩٤٦) ، والنسائي (٢٣٩٩) ، وأبو داود (١٣٨٨) ، وابن ماجة (١٣٤٦) ، ولفظ الإمام مسلم: (كنت أصوم الدهر، وأقرأ القرآن كل ليلة، قال: فإما ذكرت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإما أرسل لي، فأتيته، فقال:"ألم أُخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ القرآن كل ليلة؟ " فقلت: بلى يا نبي الله؛ ولم أرد إلا الخير، قال:" فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ... ، ثم قال: "واقرأ القرآن في كل شهر"، قال: قلت: يا نبي الله: إني أطيق أفضل من ذلك، قال:"فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك، فإن لزوجك عليك حقاً، ولزورك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً"، قال: فشددت؛ فشدد علي، قال: وقال لي النبي-صلى الله عليه وسلم-:"لعلك يطول بك العمر"، فصرتُ إلى الذي قال لي النبي-صلى الله عليه وسلم-، فلما كبرت وددت أني قبلت رخصة النبي-صلى الله عليه وسلم.
وقد أشار الإمام السخاوي إلى أن معنى التجزئة والتحزيب ورد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قال:"طرأ عليَّ حزبي من القرآن" رواه ابن ماجة (١٣٤٥) و"إنه قد فاتني الليلة جزئي من القرآن.." أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٣/٣٦٣) . وذكر قصة جمع الحجاج بن يوسف للقراء والحفاظ في عهده، وسؤالهم عن عدد آيات القرآن، وعن منتصف القرآن وربعه وثلثه وغيرها. وقد استند على هذه الحادثة كثير من العلماء الذين كتبوا في تاريخ القرآن، وقالوا بأن أول من أحدث الأجزاء والأحزاب هو الحجاج بن يوسف الثقفي المتوفى ١١٠هـ.