والله لم يذكر في القرآن عن المسيح أنه مات ولا قتل، ولو أراد الله الموت لقال:(وما قتلوه وما صلبوه بل مات) ، ولكن هذا لم يحصل، ولو أراد الله في معنى الوفاة المذكورة في القرآن الموت؛ لكان المسيح -عليه السلام- في ذلك كسائر المؤمنين والناس جميعاً في قبض أرواحهم والعروج بها إلى السماء، ولو فارقت روح المسيح بدنه لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء، ولذلك قال الله تعالى:" بل رفعه الله إليه ... "؛ ليبين أن الرفع للروح والبدن، ويشهد لذلك الحديث الصحيح كما عند الإمام مسلم وغيره في نزول المسيح -عليه السلام- في آخر الزمان بروحه وبدنه، وهذه الأحاديث كثيرة مشهورة ومتواترة ومعروفة في كتب السنة والحديث، ويشهد لذلك قوله تعالى:" وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً.."[النساء: ١٥٩] أي موته في آخر الزمان بعد نزوله عليه السلام، ولذلك قال:" ليؤمنن به " وهذا فعل مُقسم عليه، ولا يكون إلا في المستقبل، وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، كما عند البخاري (٣٤٤٨) ، ومسلم (١٥٥) : " والله لينزلن فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ... " وهذا دلالة على المستقبل بدلالة القسم.
وخلاصة الكلام هنا أن لفظ التوفي في اللغة العربية لا يدل بنفسه على توفي الروح دون البدن، ولا توفيهما جميعاً، ولا توفي النوم إلا بقرينة منفصلة ككثير من الألفاظ العربية.
معنى:" الرفع "
الرفع في لغة العرب ضد الوضع، وقد يستخدم في الأعيان (أي الأجسام) ، وقد يستخدم في المعاني.
والرفع في الأجسام حقيقة في الحركة والانتقال إلى جهة العلو، كما يقال: ارتفع الطائر، أو ارتفع موج البحر. فارتفاع الشيء ارتفاعاً بنفسه أي علا، وهكذا.