للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل ابن حجر – رحمه الله – في شرحه في الفتح (١/٥٨) من كلام القاضي عياض أن ذلك شرط في صحة الإيمان، قال ابن حجر (ومن علامة الحب المذكور أن يعرض على المرء أن لو خير بين فقد غرض من أغراضه، أو فقد رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم -، (أن لو كانت ممكنة، فإن كان فقدها - أن لو كانت ممكنة - أشد عليه من فقد شيء من أغراضه فقد اتصف بالأحبية) المذكورة، ومن لا فلا، وليس ذلك محصوراً في الوجود والفقد، بل يأتي مثله في نصرة سنته والذب عن شريعته وقمع مخالفيها، ويدخل فيه باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي هذا الحديث إيماء إلى فضيلة التفكر، فإن الأحبية المذكورة تعرف به؛ وذلك أن محبوب الإنسان إما نفسه وإما غيره، أما نفسه فهو أن يريد بقاءها سالمة من الآفات، هذا هو حقيقة المطلوب، وأما غيرها فإذا حقق الأمر فيه فإنما هو بسبب تحصيل نفع ما على وجوهه المختلفة حالاً ومآلاً، فإذا تأمل النفع الحاصل له من جهة الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذي أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان إما بالمباشرة وإما بالسبب علم سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي، وعلم أن نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات، فاستحق لذلك أن يكون حظه من محبته أوفر من غيره؛ لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره، لكن الناس يتفاوتون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه، ولا شك أن حظ الصحابة – رضي الله عنهم – من هذا المعنى أتم؛ لأن هذا ثمرة المعرفة وهم بها أعلم، والله الموفق، وقال القرطبي: كل من آمن بالنبي – صلى الله عليه وسلم – إيماناً صحيحاً لا يخلو من وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة، غير أنهم متفاوتون فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى كمن كان مستغرقاً في الشهوات، محجوباً في الغفلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – اشتاق إلى رؤيته بحيث يؤثرها

<<  <  ج: ص:  >  >>