بل إن الذي يؤم الناس في الصلاة في ذلك الوقت ليس المسيح عليه السلام بل رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما أخبرت بذلك الأحاديث الصحيحة: انظر صحيح البخاري (٣٤٤٩) ومسلم (١٥٥) . وليس ذلك الرجل أفضل من المسيح عليه السلام، بل دلالة على أن المسيح بعد نزوله تابع لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وحاكم بها. ومع ذلك فهو نبي ويدعى في ذلك الوقت بنبي الله، وليس في ذلك إشكال، والنصارى يؤمنون بنظير ذلك، فقد جاء في الكتاب المقدس من العهد القديم منه: اجتماع أكثر من نبي في وقت واحد ومكان واحد ويعملون بشريعة واحدة، وليس في ذلك ما يطعن في نبوة واحد منهم، وهذا له أمثلة كثيرة أشهر من أن تذكر، وهذا يؤمن به اليهود والنصارى، كما هو موجود عندهم.
وأما مسألة القاديانية فالأمر فيها يختلف من عدة أوجه:
١- أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم أخبر بنزول المسيح عليه السلام محكِّمًا لشريعته، ولم يخبر بغيره كالميرزا أحمد غلام القادياني.
٢- يعتقد القاديانيون بأن النبوة لم تختم، بل هي مستمرة، وأن الله يرسل الرسل تباعًا حسب الحاجة، حتى بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الميرزا أحمد غلام القادياني أفضل الأنبياء.
٣- أن القاديانية أتوا بمعتقدات بعيدة جدًّا عن الإسلام، فمع أنهم ألغوا فكرة ختم النبوة إلا أنهم قالوا بنزول كتاب آخر غير القرآن على نبيهم الميرزا أحمد غلام القادياني، واسمه الكتاب المبين، وهو المعتمد لا القرآن، ويعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل وشريعة مستقلة، وكل مسلم عندهم كافر حتى يدخل في القاديانية، إلى غير ذلك من المعتقدات، سواء في الله سبحانه وتعالى أو في التشريعات التي تخالف الإسلام.
وعلى هذا فخروج القاديانيبة عن الإسلام لأنهم ليسوا على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وأول شيء خالفوا فيه أصل الشريعة هو نفيهم لختم النبوة. والله أعلم.