أما أنهم يكونون من طيور الجنة، فلم أجده إلا في حديث عائشة - رضي الله عنها- فقد أخرج الإمام مسلم (رقم ٢٦٦٢) من طريق طلحة بن يحيى، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت:"دعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنازة صبي من الأنصار. فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه. قال: "أو غير ذلك يا عائشة؟ إن الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم" وأخرج هذا الوجه الإمام أحمد (٦/٤١، ٢٠٨) وأبو داود (رقم ٤٦٨٠) ، والنسائي في المجتبى (رقم ١٩٤٧) ، وابن ماجة (رقم ٨٢) ، وابن حبان في صحيحه (رقم ٦١٧٣) .
وقد حكم الإمام أحمد بتفرُّد طلحة بن يحيى بهذا الحديث، حيث قال في العلل (١٣٨) "طلحة بن يحيى أحب إلي من بُريد بن أبي بردة، بُريد يروي أحاديث مناكير، وطلحة حدَّث بحديث عصفور من عصافير الجنة" (قال عبد الله بن أحمد) حدثني أبي قال: حدثنا ابن فضيل عن العلاء أو حبيب بن أبي عَمر، قال أبي: وما أراه سمعه إلا من طلحة يعني ابن فضيل".
ولذلك أورد العقيلي هذا الحديث في الضعفاء في ترجمة طلحة بن يحيى، ثم قال (٢/٦١٥ - ٦١٦) : " آخر الحديث فيه رواية من حديث الناس بأسانيد جياد، وأوله لا يُحفَظ إلا من هذا الوجه".
وتعقَّب ابن عبد البر هذا الحديث في التمهيد (٦/٣٥٠ - ٣٥١) بقوله: "وهذا الحديث ساقط ضعيف مردود بما ذكرنا من الآثار والإجماع، وطلحة بن يحيى ضعيف لا يحتج به، وهذا الحديث مما انفرد به، فلا يُعَرّج عليه"، وقال في موطن آخر من التمهيد (١٨/٩٠) : "حديث ضعيف، انفرد به طلحة بن يحيى، فأنكروه عليه، وضعَّفوه من أجله".