الحمد لله، الأموات في عالم البرزخ وهو ما بين الدنيا والآخرة من الموت إلى البعث، فلهم في هذه الدار أحوال وهم على منازلهم ومراتبهم من الخير والشر، قد دلت النصوص من الكتاب والسنة على جملة ذلك، فدلت على أن الأموات إما في نعيم وإما في عذاب، وهذا مما يجب الإيمان به، وهو من الإيمان بالغيب الذي أثنى الله به على المتقين، والعباد في هذه الدنيا لا يعلمون من أحوال أهل القبور شيئاً إلا النادر مما قد يكشف لبعض الناس، كما جاء في أخبار وروايات كثيرة منها الصحيح وغير الصحيح، وكذلك الأموات الأصل أنهم لا يعلمون من أحوال أهل الدنيا شيئاً؛ لأنهم غائبون عنها، فلا يجوز أن نثبت اطلاعهم على شيء من أحوال أهل الدنيا إلا بدليل، وقد جاءت آثار وروايات تدل على أن بعض الأموات يشعر بأحوال أهله، وما يكون منهم، ولا أعلم شيئاً عن صحّة هذه الآثار، وقد أوردها العلامة ابن القيم في كتباه المعروف كتاب (الروح) ، ومن أصح ما ورد مما يتعلق بهذا المعنى، حديث:"إن الميت ليعذّب ببكاء أهله عليه" رواه البخاري (١٢٨٦) ومسلم (٩٢٨) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، وكذلك ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تعرض عليه صلاة أمته وسلامهم عليه -صلى الله عليه وسلم-، انظر ما رواه أبو داود (١٠٤٧-١٥٣١) والنسائي (١٣٧٤) وابن ماجة (١٦٣٦) من حديث أوس بن أوس -رضي الله عنه-، وأما مسألة تزاور الأموات فهو من جنس ما قبله، تذكر فيه آثار، وقد أورده ابن القيم في نفس الكتاب، ولا أذكر شيئاً مما يعول عليه لإثبات هذه الحال، ولكن نعلم أن أرواح المؤمنين مع بعضها في الجملة، وكذلك أرواح الكافرين، والله أعلم بالغيب، ومما يتعلق بمسألة عرض أعمال الأحياء على الأموات أو شعورهم بشيء عنها مسألة سماع الموتى، وقد دلّ القرآن على أن الأموات لا يسمعون، كما قال -سبحانه وتعالى-: "إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين"[النمل:٨٠] ، وقال -سبحانه وتعالى-: