الحمد لله، من مات مؤمناً بالله ورسوله عليه السلام موحداً لله لا يشرك به شيئاً، فإنه لابد من دخوله الجنة، فإن كانت له ذنوب مات وهو مصر عليها فإنه تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه؛ كما يشاء سبحانه وتعالى، ثم يخرجه من النار ويدخله الجنة؛ كما قال تعالى:"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"[النساء:٤٨] ، فمن مات على الشرك فهو الذي لابد له من دخول النار مخلداً فيها، وأما ما دون الشرك فمن مات عليه ولم يتب فترجى له المغفرة وإن عذب فإنه لا يخلد في النار كما تواترت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه شيء من الإيمان مثقال حبة من خردل من إيمان أو مثقال شعيرة كما هي ألفاظ للأحاديث الواردة في هذا المعنى انظر مثلاً ما رواه البخاري (٤٤) ومسلم (١٩٣) من حديث أنس - رضي الله عنه -، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة أن أهل الكبائر لا يخلدون في النار إذا ماتوا وهم موحدون، وأما القول بأن من دخل النار لا يخرج منها وأن الناس فريقان إما من أهل النار خالداً مخلداً فيها، وإما من أهل الجنة فهذا القول هو قول المبتدعة من الخوارج والمعتزلة الذين يقولون: إن أهل الكبائر مستوجبون لدخول النار على وجه الخلود فيها، فخالفوا المذهب الحق من وجهين قطعهم بدخول كل أهل الكبار في النار، ثم قولهم بتخليدهم في النار، وعلى هذا فالناس ثلاثة أقسام: منهم من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومنهم من يدخل النار ولا يخرج منها وهم الكفار ومنهم من يدخل النار، فيمكث فيها ما شاء الله ثم يخرج منها ويدخله الله الجنة، وهذا الصنف تتفاوت مدة مكثهم في النار فمنهم من تطول مدة مكثهم ومنهم من تقصر والله - تعالى - أحكم الحاكمين، فجزاء الله - سبحانه وتعالى - لعباده دائر بين الفضل والعدل كما قيل:
إن عذبوا فبعدله أو نعموا *** فبفضله وهو الكريم الواسع