الحمد لله، لقد دلَّ القرآن والسنة المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- كما أجمع أهل السنة والجماعة على أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة في عرصات القيامة، يعني: في مواقف القيامة، ويرونه بعد دخول الجنة كما يشاء - سبحانه وتعالى-، وهم في هذه الرؤية على مراتب؛ فبعضهم أعظم حظًّا في هذه الرؤية من بعض، وذلك لاختلاف منازلهم ودرجاتهم عند الله، ورؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة هي رؤية حقيقية عيانية، يرونه سبحانه وتعالى بأبصارهم كما قال صلى الله عليه وسلم:"إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته" رواه البخاري (٧٤٣٦) ، ومسلم (٦٣٣) واللفظ له من حديث جرير - رضي الله عنه -، فشبه الرؤية بالرؤية، ولم يشبه المرئي بالمرئي، ووعد المؤمنين بهذه الرؤية التي هي أعلى مطالب المؤمنين وأعلى نعيمهم في الجنة، والوعد بذلك عام لكل المحسنين من الرجال والنساء، كما قال تعالى:"للذين أحسنوا الحسنى وزيادة"[يونس:٢٦] وجاء تفسير الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله الكريم، وقال تعالى:"وأزلفت الجنة للمتقين"[ق:٣١] إلى قوله: "لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد"[ق:٣٥] ، وفسر المزيد بما فسرت به الزيادة في الآية المتقدمة، ووصف المتقين في القرآن وفي السنة يعم الرجال والنساء، وكذلك الموصول في مثل:"والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون"[البقرة:٨٢] ، وهكذا قوله سبحانه:"للذين أحسنوا الحسنى وزيادة"[يونس:٢٦] ، هو عام للرجال والنساء، ولكن الله أعلم كيف تكون رؤية المؤمنات لله - تعالى -، ولا يمتنع أن يكون للرجال مزية في رؤيته - سبحانه - لأن الرجال يمتازون في الدنيا على النساء بأعمال عظيمة كصلاة الجماعة والجمعة والجهاد، فلا بد أن يكون لذلك أثره في جزاء الآخرة، وقد ذكر شيخ الإسلام هذه المسألة (أي: مسألة رؤية النساء لله - تعالى - في الجنة) ، وذكر أن فيها اختلافاً، وذكر الأدلة ورجح