ومما يدل على أن هذا النهج هو الأسلم، والأحكم، والأعلم: أنه هو مدلول المفهوم من الكلام، أي كلام، وهو الحمل على الظاهر، والله أنزل كتابه بلسان عربي مبين، ثم إنه لو سألك ربك يوم القيامة فقال: لم يا عبدي أثبت لي صفة العين، واليد، والاستواء، والكلام، والمحبة، والغضب، وغير ذلك، لكان الجواب: هذا يا رب ما فهمنا من كلامك في كتابك، وكلام رسولك صلى الله عليه وسلم.
ولكن لو وقع الشخص -لا قدر الله- في التحريف والتأويل وسأله مولاه، يا عبدي: لم نفيت عني ما أثبته لنفسي من صفة أو اسم؟ أأنت أعلم بي مني؟؟ كيف يكون جوابه!؟. ولذلك فما ذكرتَ من التفسير في سؤالك غير سليم، بل هو تأويل للنص بغير دليل ظاهر، والصواب ما تقدم. والله أعلم.
فائدة من نقولات ابن القيم في الصواعق المرسلة (١/٢٦٠-٢٦٢) :
قول عثمان الدارمي: الأعور ضد البصير بالعينين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال:"إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور" وقد احتج السلف على إثبات العينين له سبحانه بقوله: "تجري بأعيننا"[القمر:١٤] .
وممن صرح بذلك إثباتا واستدلالا؛ أبو الحسن الأشعري في كتبه كلها فقال في المقالات، والموجز، والإبانة، وهذا لفظه فيها:"وجملة قولنا: أن نقر بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله ... إلى أن قال: وإن الله مستو على عرشه، كما قال: "الرحمن على العرش استوى" [طه:٥] .
وأن له وجها، كما قال: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" [الرحمن:٢٧] .
وأن له يدين، كما قال: "بل يداه مبسوطتان" [المائدة:٦٤] ، وقال: "لما خلقت بيدي" [ص:٧٥] ، وأن له عينين بلا كيف، كما قال: "تجري بأعيننا" [القمر:١٤] ، أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لاتباع الوحيين، ولزوم دلالتهما على طريقة الصحابة، والتابعين، والذين اتبعوهم بإحسان. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.