والهجرة من بلاد الكفر باقية إلى قيام الساعة وواجبة على كل مسلم في بلاد الكفر، وطاعة وقربة إلى الله -عز وجل- ويثاب فاعلها. قال عليه الصلاة والسلام:"لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " أخرجه أبو داود (٢٤٧٩) من حديث معاوية -رضي الله عنه-. وقال عليه الصلاة والسلام:"لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يُقاتل". أخرجه أحمد (١٦٧٤) من حديث عبد الله بن السعدي -رضي الله عنه- بإسناد حسن. فالأصل أن الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام واجبة على كل مسلم ومسلمة، ويستثنى من هذا المستضعفون الذين لا يستطيعون أن يهاجروا من بلاد الكفر، ولا يجدون السبيل إلى ذلك، كذلك لا يجوز السفر إلى بلاد الكفر إلا لحاجة لا تُقضى في بلاد الإسلام؛ كالعلاج والتجارة وطلب العلم والدعوة إلى الله، ونحوها من الحاجات التي لا يمكن تحصيلها في بلاد الإسلام، ويكون السفر قدر الحاجة، فإذا انتهت حاجته رجع إلى بلاد الإسلام.
كما لا يجوز إعانة أحد من المسلمين في الذهاب إلى بلاد الكفر واستيطانها من غير حاجة كما سبق بيانه. والإسلام يُحرّم السفر إلى بلاد الكفر واستيطانها؛ لما يترتب عليه من عواقب وخيمة، ونتائج خطيرة على دين المسلم وعلى أخلاقه، وعلى أهله وذريته الذين ينشؤن في بلاد الكفر، كما أن اتساع بلاد الإسلام فيه غنية لمن أراد من المسلمين الانتقال من بلاده الإسلامية، ولا يستطيع البقاء في بلاده، وعلى من اضطر إلى الانتقال عن بلاده البحث عن بلاد إسلامية أخرى، تتيسر فيها أسباب معيشته، ويأمن فيها على دينه، وأن يحتسب الأجر من الله في ذلك، ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه. ونسأل الله أن يمنَّ علينا وعليكم بنعمه وفضله، وأن يغنينا وإياكم بحلاله عن حرامه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن تبعهم بإحسان.