أولاً: جميع ما ذكر في السؤال هو عن الصحابة -رضي الله عنهم- وقد قال فيهم إمامهم -صلى الله عليه وسلم-: "أصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون". رواه مسلم (٢٥٣١) . فهم أمنة للأمة على دينها، لا يحدثون فيها ما ليس من دينها، ولا يظهر ويشيع في الأمة إحداث في الدين مع وجود واحد منهم فيها، قال:" فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" فيقع بعدهم ما وعدت به الأمة من الافتراق عن الدين والإحداث فيه، ولذا أمكن للاحتفال بمولده - صلى الله عليه وسلم- أن يظهر في الأمة لخلوها من الصحابة عند ظهوره.
ثانياً: لا يكون من الصحابة - رضي الله عنهم- إلا ما تبلغوه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمعوه منه، أو رأوه فعله، أو فعلوه بين يديه وأقرهم عليه، أو أذن لهم فيه أو في جنسه إذناً مطلقاً أو مقيداً، وما كان مرجعه إلى مثل هذا فهو من الدين ومن سنة سيد المرسلين وما الصحابة إلا ناقلون مبلغون.
وأما ما ثبت أنه اجتهاد صحابي وثبتت فيه مخالفة لرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالعمل بالرواية لا باجتهاد الصحابي وعمله لنفسه؛ لا يكون اجتهاده وعمله لنفسه والحال هذه سنة نبوية ولا شرعة ماضية، فلا يكون حجة، ولا يُقبل من أحد الاحتجاج به.
والاحتفال بالمولد لم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم- لا قولاً ولا فعلاً ولا إقراراً ولا أصل له في الشرع، وليس هو من جنس شيء من العبادات والقربات الشرعية، ولم يقع حتى باجتهاد أحد من الصحابة ولا عمله لنفسه، فلا هو سنة نبوية ولا شرعية ماضية ولا عهد للأمة به، حتى أحدثه الفاطميون العبيديون مضاهاة للنصارى في احتفالهم بمولد عيسى -عليه السلام- والعبيديون أصحاب شنائع كفرية لم يعرف عنهم إلا ما يُخرج من الملة أو ما يكون فجوراً فيها، وقد استنوا في بدعتهم هذه بالنصارى الكافرين الضالين.