فمن صح عنده هذا الحديث حكم بكراهة صوم السادس عشر من شعبان وما بعده، وبعضهم صرّح بالتحريم كابن حزم في (المحلى ٧/٢٥) إلا أنه خص النهي بصيام اليوم السادس عشر فقط – ومن ضعّف هذا الحديث لم يقل بالكراهة كما هو قول جمهور العلماء، محتجين بحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:"لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه ". أخرجه البخاري (٢/٣٤) باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين ح (١٩١٤) ، ومسلم (٢/٧٦٢) ح (١٠٨٢) – واللفظ له -، وأبو داود (٢/٧٥٠) ، باب فيمن يصل شعبان برمضان ح (٢٣٣٥) ، والترمذي (٣/٦٩) ، باب ما جاء " لا تقدموا الشهر بصوم" ح (٦٨٥) ، والنسائي (٤/١٤٩) ، باب التقدم قبل شهر رمضان ح (٢١٧٢، ٢١٧٣) ، وابن ماجة (١/٥٢٨) ، باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم ح (١٦٥٠) من طرق عن يحي بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة – رضي الله عنه -.
وقد احتج بهذا الحديث الإمام أحمد على ضعف حديث النهي عن الصوم بعد النصف، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا "، والله أعلم.
ويمكن أن يعلل الحديث أيضاً بحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان.
أخرجه البخاري (٢/٥٠) ، باب صوم شعبان ح (١٩٦٩) ، ومسلم (٢/٨١٠) ح (١١٥٦) ، وأبو داود (٢/٨١٣) باب كيف كان يصوم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ ح (٢٤٣٤) من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة -رضي الله عنها-.
ومقتضى هذا – بلا شك - أنه كان يصوم شيئاً من الأيام بعد منتصفه.