ثانياً: حديث عائشة – رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال لها حين افتقدته فوجدته في البقيع – في حديث -: "إن الله – عز وجل – ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شَعْرِ غنم كَلْب ". أخرجه الإمام أحمد (٢٦٠١٨) ، والترمذي (٧٣٩) ، وابن ماجة (١٣٨٩) من طريق الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة به
ثم قال الترمذي عقبه:"حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج وسمعتُ محمداً (يعني: البخاري) يُضعّفُ هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج لم يسمع من يحيى "فهو إسنادٌ ضعيفٌ، ويشير كلام البخاري إلى ضعف الحديث من جميع وجوهه؛ لأنه ضعّف الحديث لا الإسناد وحده.
ولمّا عَرَضَ الدارقطني لعلل حديث عائشة هذا في العلل – المخطوط – (٥/ق٥١/أ-ب) ، وبيّن الاضطراب فيه، وأنه رُوي من وجه آخر عن حجاج بن أرطاة عن كثير بن مُرّة الحضرمي مرسلاً، ثم قال:"وإسناد الحديث مضطرب غير ثابت".
لذلك فقد صرح أبو عبد الله الحاكم النيسابوري بالصواب في هذا الحديث بقوله:"إنما المحفوظ هذا الحديث من حديث الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً" شعب الإيمان للبيهقي (٣٨٢٤، ٣٨٢٥، ٣٨٣٠، ٣٨٣١) وللحديث عللٌ أخرى أبانها عَمرو عبد المنعم سليم في تحقيقه لكتاب ابن الدُّبَيْثي (٥٤-٦٦) .
بل لقد أشار الدارقطني إلى أن مرجع حديث عائشة إلى حديث مكحول الشامي السابق ذكره في حديث معاذ، وهذا ما مال إليه البيهقي في الشعب (٣/٣٨٢،٣٨٣ رقم ٣٣٨٣، ٣٨٣٥) ، وقد نقل ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/٥٦١ رقم ٩٢١) عن الدارقطني أنه قال: "وقد رُوي من حديث معاذ ومن حديث عائشة، وقيل إنه من قول مكحول، والحديث غير ثابت".