الحمد لله، لقد جاءت شريعة الإسلام التي بعث الله بها محمداً - صلى الله عليه وسلم-بكل ما فيه الخير والسعادة لمن قبلها وتمسك بها، فقد دل كتاب الله وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام- على أنهم أصحاب السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، فشرع الله لعباده أنواع العبادات التي يتقربون بها إلى الله، ويستجلبون بها فضله سبحانه وتعالى، ومغفرته، ورحمته في الدنيا والآخرة، ويستجلبون بها النصر على الأعداء، وجماع ذلك تقوى الله في السر والعلانية، وهي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، والاستكثار من الأعمال الصالحة التي ندب الله إليها عباده في كتابه، وندب إليها رسوله - صلى الله عليه وسلم- في سنته، ومن أعظم الأسباب التي شرعها الله لجلب المنافع، ودفع المضار الدعاء، قال تعالى:"ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"[الأعراف:٥٥] ، وقال تعالى:"ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"[غافر: من الآية٦٠] ، وأخبر عن رسله -عليهم السلام- بذلك، وأنهم - عليهم السلام- يدعون الله بكشف ضروراتهم ونصرهم على أعدائهم، وهكذا كان الرسول - عليه الصلاة والسلام- وأصحابه إذا اشتد بهم أمر لجأوا إلى الدعاء، لأن الأمر كله لله، والملك كله له، فبيده الملك، وبيده الخير، وهو على كل شيء قدير، فعلى المسلمين أن يقتدوا بنبيهم - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام -رضي الله عنهم-، ويهتدوا ويقتدوا بهدي الأنبياء، كما أمر الله بذلك نبيه -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ"[الأنعام: من الآية٩٠] ، ولم يأت في كتاب الله ولا في سنة رسوله - عليه الصلاة والسلام- الأمر بوجوب أو استحباب الاتفاق على الصيام في أيام الشدائد، من أجل تحري الدعاء عند الإفطار، فالدعوة إلى ذلك دعوة إلى ما لم يشرعه الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم-، فهو بدعة، ولكن يغني عن ذلك حثَّ الناس على التوبة