نقول: إن المقصود بهذا الحديث وأمثاله مما ورد عن فضل القرآن، أو بعض سوره، أو آياته، المراد بذلك ثواب العمل، كما قرره أهل العلم، كالترمذي، فقد جاء في جامع الترمذي، في باب ما جاء في آل عمران، في الحديث (٢٨٨٤،٢٨٨٣) عن نواس بن سمعان –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يأتي القرآن وأهله الذين يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران". قال نواس: وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بَعْدُ، قال:"تأتيان كأنهما غيابتان وبينهما شرق، أو كأنهما غمامتان سوداوان، أو كأنهما ظلة من طير صواف تجادلان عن صاحبهما" قال الترمذي: ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم: أنه يجئ ثواب قراءته. كذا فَسَّر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث أنه يجئ ثواب قراءة القرآن، وفي حديث نواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما فسروا. إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم "وأهله الذين يعملون به في الدنيا" ففي هذا دلالة أنه يجئ ثواب العمل. وأخبرني محمد بن إسماعيل: أخبرنا الحميدي قال: قال: سفيان بن عيينة في تفسير حديث عبد الله بن مسعود: ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي.
قال سفيان: لأن آية الكرسي هو كلام الله وكلام الله أعظم من خلق الله من السماء والأرض". انتهى بنصه.
هذا وجاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي) ٨/١٩٤) ما نصه:(تجادلان عن صاحبهما) أي: تحاجان عنه، كما في رواية، والمحاجة: المخاصمة وإظهار الحجة. وصاحبهما هو المستكثر من قراءتهما وظاهر الحديث أنهما يتجسمان حتى يكونا كأحد هذه الثلاثة التي شبهها بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يقدرهما الله -سبحانه وتعالى- على النطق بالحجة. وذلك غير مستبعد من قدرة القادر القوي الذي يقول للشيء كن فيكون. ا. هـ