ثانياً: أما سؤاله عما لو أن القمر انخسف في أول ليلة من رمضان، وأن الشمس انكسفت للنصف منه عام ١٩٨٤م (وهي الموافقة لسنة ١٤٠٤هـ كما ينبغي علينا أن نؤرخ) ، فهذا لم يقع لا في هذا العام ولا في غيره من الأعوام؛ لأن الخسوف القمري لا يكون إلا في وقت الإبدار، وهو الليالي البيض من الشهر القمري، وهي: ليلة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، والكسوف الشمسي لا يكون إلا وقت الاستسرار وهو آخر الشهر القمري، وهما يوما ٢٨/٢٩ من الشهر، وعلى ذلك علم الفلك قديماً وحديثاً، وقد قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً في (مجموع الفتاوى ٢٤/٢٥٧) ، وما ذُكر من وُقُوع خلاف ذلك في حادثتي موت إبراهيم ابن نبينا – صلى الله عليه وسلم –، وموت الحسين بن علي – رضي الله عنهما – فمما لا يصح من جهة النقل ومن جهة مخالفته للسنن الكونية.
ثالثاً: أما معتقد أهل السنة والجماعة في المهدي، فهو معتقد مبني على الأحاديث الثابتة في شأنه من النبي – صلى الله عليه وسلم – من كونه سيظهر عند امتلاء الأرض بالظلم رجل من ذرية الحسن أو الحسين ابني علي – رضي الله عنهم – (وهم عترة النبي – صلى الله عليه وسلم – وذريته) يوافق اسمه اسم النبي – صلى الله عليه وسلم- ومن صفته أنه أجْلى الجبهة (أي: أن شعر رأسه منحسر عن جبهته منكشفٌ عنها) أقنى الأنف (أي: في أنفه طول مع رقة أرنبته – وهي قمة الأنف – مع حدب وبروز في وسط الأنف) ،فيبايع بالخلافة ويحكم سبع سنين أو نحوها، فيكثر الخير والمال في زمنه، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ويخرج الدجال في زمنه، وينزل عيسى – عليه السلام – في فترة حكمه.
هذا مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في المهدي، من زمن الصحابة – رضي الله عنهم – والتابعين وأتباعهم إلى يوم الناس هذا، ولم يخالف أحد ممن يعتد بخلافه في أصل ظهور المهدي حتى لقد صنف العلماء في جمع أحاديثه مصنفات عديدة، ووصفوا أحاديث المهدي بالتواتر.