للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وقول عمر، رضي الله عنه: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا. [يعني بلالاً] رواه البخاري (٣٧٥٤) .

وعند التأمل في هذه النصوص يظهر - والله أعلم - أن السيادة على نوعين:

النوع الأول: سيادة مطلقة، بمعنى الملك المطلق التام، والتدبير المطلق والتصرف المطلق، ونحو ذلك من المعاني التي لا تليق إلا بذي الجلال والإكرام، فهذه لا تكون إلا لله تعالى، فليس لأحد غير الله ملك مطلق، ولا تصرف مطلق، ولا نحو ذلك من المعاني.

وعلى هذا تفهم النصوص التي جاء فيها أن (السيد الله) .

النوع الثاني: سيادة مقيدة، بمعنى الشرف والطاعة والإمرة، ونحو ذلك من المعاني المقيدة بنسبة، أو إضافة إلى شيء معين، كالعلم والنسب والكرم والشجاعة، والرئاسة، فهذا النوع من السيادة محدود زمانًا ومكانًا، وعلى قوم دون قوم، وعلى نوع دون نوع.

وعلى هذا تفهم النصوص الواردة بإطلاق لفظ سيد على بعض المخلوقين.

وإذا تبين هذا فلا مانع من إطلاق هذا النوع من السيادة على من يستحقه من المخلوقين، بل ومخاطبته بذلك، وفق الشروط التالية:

١. أن تكون السيادة مقيّدة لا مطلقة.

٢. أن يكون من تطلق عليه أهلاً للسيادة، بأن يصدق عليه معنى من معاني السيادة أو أكثر، مما يتعارف عليه الناس.

٣. أن يكون من تطلق عليه صالحًا تقيًّا، فلا يصح إطلاقها على من ليس كذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ: سَيِّدُنَا". أخرجه أحمد (٢٢٩٣٩) وأبوداود (٤٩٧٧) والنسائي في الكبرى (١٠٠٧٣) . ويلتحق بالمنافق الكافر؛ لأن السيادة فيها نوع رفعة لا يستحقها الكافر، لقوله تعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ] النساء: من الآية١٤١ [. ولحديث: "الإسلامُ يَعْلُو ولا يُعْلَى عَلَيْه". أخرجه الدارقطني ٣/٢٥٢ والبيهقي ٦/٢٠٥، وكذلك الفاسق المجاهر بمعاصيه، فلا يجوز تسويده، إذ ليس لفاسق رفعة على الصالحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>