الحديث الأول حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- وفيه:" ... ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم" قال الهيثمي أخرجه البزار ورجاله رجال الصحيح، وجود إسناده الزرقاني وأخرجه الحارث ابن أبي أسامة في مسنده مرسلاً عن بكر بن عبد الله المزني - رضي الله عنه- ومن حديث أنس - رضي الله عنه-، وقال الحافظ العراقي إسناده ضعيف، انظر: السلسلة الضعيفة (٢/٤٠٤) ح (٩٧٥) والحديث الثاني في قصة الحوض في القيامة، وهو في الصحيحين البخاري (٦٥٨٥) ومسلم (٢٢٩٥) وغيرهما عن جمع من الصحابة - رضي الله عنهم- منهم سهل بن سعد وأنس وابن مسعود وأبي هريرة وغيرهم - رضي الله عنهم-، ومن حيث الجمع بينهما فعند القائلين بضعف الحديث الأول فلا دلالة فيه ولا معارضة، وعلى القول بصحته فالجمع بينهما من وجوه:
(١) أن الاستغفار عام لجميع أمته ولا يعارض ذلك أحوال أقوام بخصوصهم غيروا وبدلوا فيحمل الأول على العموم والثاني على الخصوص.
(٢) وقيل: إنها تعرض على النبي - صلى الله عليه وسلم- عرضاً مجملاً، أو أنها تعرض عليه دون تعيين عاملها وهذان الوجهان ذكرهما لأُبِّي في شرح مسلم.
(٣) وقيل: المطرودون عن الحوض نوعان: قوم ارتدوا عن الإسلام بالكلية من المنافقين فخرجوا عن أمة النبي - صلى الله عليه وسلم- (أمة الإجابة) ، فلا يشملهم الاستغفار أصلاً، والثاني: قوم من العصاة وأهل البدع والأهواء ولا يلزم من طردهم عن الحوض وبعدهم خلودهم في النار، بل يحرمون من الحوض والشرب منه كما يحرم شراب الخمر من خمر الجنة، وهؤلاء داخلون في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم- لكن لم تشملهم المغفرة، ولعل هذا الوجه في الجمع والوجه الأول أيضاً هما الأقرب في نظري. والعلم عند الله تعالى.