للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأصل في قول "إن شاء الله" أنها تعني تعليق أمر مستقبلي بمشيئة الله -تعالى- فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ولذلك ورد الأمر بتعليق الأمر المستقبلي بالمشيئة دون القطع بتحقيقه، قال الله -تعالى-: "وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ" [الكهف: ٢٣-٢٤] ، و (شَيْءٍ) نكرة في سياق النفي، فتعم كل شيء من خير أو شر، وقد تأتي " إن شاء الله" والمراد بها التحقيق دون شك كما في قوله -تعالى-: "لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين" [الفتح:٢٧] ، وقد ورد التأكيد على تحقيق هذا الدخول بالمؤكدات المعروفة في "لتدخلن"، وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم- في السلام على أهل القبور: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" رواه مسلم (٢٤٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه، وقد يستعملها بعض الناس، ويعنون بها الترجي، ولعله يشهد لهذا الاستعمال قوله -صلى الله عليه وسلم- في زيارة المريض: "لا بأس عليك طهور إن شاء الله" رواه البخاري (٣٦١٦) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، أما قول السائل (سوف أترك ديني) ، أو سأسرق، ونحوها، فلا يجوز الهمَّ بمثل هذه المنكرات ولا تعليقها بالمشيئة، سواء كانت بمعنى التعليق أو بمعنى الترجي، وهو أعظم، إلا إذا كان يعني أنه لا يمكن أن يُقدَّر عليَّ، أو يقع مني عمل سيئ كالسرقة، أو ترك الدين إلا بمشيئة الله، فهذا حق حتى في العمل الحسن، وإن كان لا ينبغي للإنسان استعمال مثل هذه العبارات وإن كان يريد المعنى الأخير، بل يسأل الله السلامة والحماية والثبات. وصل اللهم وسلِّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>