للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما سألت عنه من رؤيته صلى الله عليه وسلم، الأنبياء ليلة الإسراء والمعراج، قال عنه ابن القيم: (وأما إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، عن رؤيته الأنبياء ليلة أسري به فقد زعم بعض أهل الحديث أن الذي رآه أشباههم وأرواحهم. قال: فإنهم أحياء عند ربهم، وقد رأى إبراهيم مسندًا ظهره إلى البيت المعمور- أخرجه مسلم (١٦٢) - ورأى موسى قائمًا في قبره يصلي- أخرجه مسلم (٢٣٧٥) . ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا: هذه الرؤية إنما هي لأرواحهم دون أجسادهم، والأجساد في الأرض قطعًا، إنما تبعث يوم بعث الأجساد، ولم تبعث قبل ذلك إذ لو بعثت قبل ذلك لكانت قد انشقت عنها الأرض قبل يوم القيامة وكانت تذوق الموت عند نفخة الصور، وهذه موتة ثالثة. وهذا باطل قطعًا) .

قال ابن القيم: (وقد علمنا عنه أنه رأى موسى قائمًا يصلي في قبره ليلة الإسراء، ورآه في السماء السادسة- أخرجه البخاري (٣٢٠٧) ومسلم (١٦٤) - أو السابعة، فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر وإشراف عليه وتعلق به، يصلي في قبره ويرد سلام من سلّم عليه، وهي في الرفيق الأعلى، ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان، وليس نزول الروح وصعودها وقربها وبعدها من جنس ما للبدن، فإنها تصعد إلى ما فوق السماوات ثم تهبط إلى الأرض ما بين قبضها ووضع الميت في قبره، وهو زمن يسير لا يصعد البدن وينزل في مثله، وكذلك صعودها وعودها إلى البدن في النوم واليقظة) .

وخلاصة القول أن التسليم بما ثبت من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، بما يكون من حال البرزخ وأحوال القيامة وسائر المغيبات واجب، والتعمق في البحث عن كيفيات ذلك من التكلف. وانظر بسط هذه المسألة في كتاب الروح لابن القيم، رحمه الله، ففيه ما يشفي ويكفي. والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>