وقد كثر استخدام هذا المصطلح وتجاذبته الآراء، وظهرت مدارس مختلفة في تصوره وتطبيقه، وعلى كلٍ فإننا إذا أردنا فهم المستجدات وفق تصور إسلامي ثم معرفة ميزانها وأحكامها في الشريعة، فإنه لا بد من توفر ثلاثة مداخل:
المدخل الأول: المدخل الاعتقادي:
لابد من الاعتقاد الجازم بأساسين مهمين هما:
(أ) كمال الإسلام: قال -تعالى-: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً"[المائدة: ٣] .
قال السعدي: (اليوم أكملت لكم دينكم" بتمام النصر، واكتمال الشرائع، الظاهرة والباطنة من الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية في أحكام الدين؛ أصوله وفروعه) . (تفسير السعدي٢/٢٤٢) .
وقال سيد قطب: (فأعلن لهم إكمال العقيدة، وإكمال الشريعة معاً، فهذا هو الدين..، ولم يعد للمؤمن أن يتصور أن بهذا الدين - بمعناه هذا - نقصاً يستدعي الإكمال، ولا قصوراً يستدعي الإضافة، ولا محلية أو زمانية تستدعي التطوير أو التحوير،. وإلا فما هو بمؤمن، وما هو بمقر بصدق الله، وما هو بمرتضٍ ما ارتضاه الله للمؤمنين، إن شريعة ذلك الزمان الذي نزل فيه القرآن هي شريعة كل زمان، لأنها -بشهادة الله- شريعة الدين الذي جاء "للإنسان" في كل زمان وفي كل مكان، لا لجماعة من بني الإنسان، في جيل من الأجيال في مكان من الأمكنة، كما كانت تجيء الرسل والرسالات.
الأحكام التفصيلية جاءت لتبقى كما هي، والمبادئ الكلية جاءت لتكون هي الإطار الذي تنمو في داخله الحياة البشرية إلى آخر الزمان، دون أن تخرج عليه، إلا أن تخرج من إطار الإيمان، والله الذي خلق الإنسان ويعلم من خلق، هو الذي رضي له هذا الدين، المحتوي على هذه الشريعة، فلا يقول: إن شريعة الأمس ليست شريعة اليوم، إلا رجل يزعم لنفسه أنه أعلم من الله بحاجات الإنسان وبأطوار الإنسان) . (في ظلال القرآن٢/٨٤٣) .