إن كمال الإسلام وشموليته لجوانب الحياة المختلفة لا يعني أن أدلته من القرآن والسنة تتناول جميع التفاصيل وتستوعب كل الصور والأحوال، وهذا غير متصور، ولكن أصول الفقه علم كامل فيه أسس الاجتهاد وضوابط القياس؛ وهو معرفة أدلة الفقه إجمالاً، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد (التصورات الأولية للمبادئ الأصولية ص١٦) ، وفي أصول الفقه نقف مع الأدلة من حيث ثبوتها وحجيتها ودلالتها، وفيه الاستفادة من الأدلة بمعرفة طرق الاستنباط، وأحوال النصوص، وتعارض الأدلة، وأما حال المستفيد فالمراد به معرفة الاجتهاد وشروطه ونحو ذلك (التصورات الأولية للمبادئ الأصولية ص١٧-١٨) ، ومن فوائده (التمكن من معرفة الحكم الشرعي للحوادث والقضايا والأفعال التي تستجد بحسب الزمان والمكان (التصورات الأولية للمبادئ الأصولية ص٢٠) .
فما لم يرد نصاً من القرآن والسنة فقد يؤخذ الحكم قياساً على أحكام وردت فيها، وقد يكون في المسألة إجماع ونحو ذلك، بحيث لا تنزل نازلة ولا تكون حاجة إلا ويمكن من خلال الأدلة والأصول الوصول إلى حكمها.
(ب) المقاصد الشرعية والقواعد الفقهية:
إن الأحكام والتشريعات لها أهداف وغايات، والغايات الكبرى عامل مشترك لكثير من الأحكام، ومن ثم سميت بالمقاصد الشرعية، وهي: المعاني الغائية التي اتجهت إرادة الشارع إلى تحقيقها عن طريق أحكامه. (قواعد المقاصد ص٤٧) ، وقال الشاطبي:(الأعمال الشرعية ليست مقصودة لأنفسها، وإنما قُصد بها أمور أخرى هي معانيها، وهي المصالح التي شرعت لأجلها) . (الموافقات ٢/٣٨٥) .
كما أن الأحكام التفصيلية في دائرة معينة يمكن أن تندرج تحت قاعدة كلية تعبّر عن الأساس الذي تضمنه الحكم، ومن ثم سميت بالقواعد الفقهية، والقاعدة الفقهية هي قضية شرعية عملية كلية يُتعَرفُ منها على أحكام جزئياتها. (القواعد الفقهية ص٥٣) .