لأن العلامات الموصوفة تشمل الذكر والأنثى, ولكنه يعدل في حديثه عن البعوض إلى اللفظ المفرد المؤنث "بعوضة", والعجيب أن الأنثى هي بالفعل التي تتغذى على الدماء وتنقل الأمراض, أما الذكر فهو أكبر حجماً ويتغذى فقط على رحيق الأزهار, وهكذا ناسب الاشتقاق أن البعوضة هي الأقل حجماً والأخطر شأناً. فهذه إضافات علمية، إذ إن المعرفة بالبعوضة والأحياء الدقيقة دونها ودورها في نقل الأمراض يستحيل أن يدركها أحد قبل اكتشاف المجهر, فلم يعرف دور البعوضة في نقل طفيل الملاريا مثلا إلا قبيل بداية القرن العشرين, فقد تمكَّن (الفونس لافيران) من معرفة الطفيل المسبب للملاريا عام ١٨٨٠, وفي عام ١٨٩٧ اكتشف (سير رونالدز روز) انتقال الطفيل عن طريق البعوضة, وفي عام ١٨٩٨ تمكَّن فريق من الباحثين من تأكيد دور البعوضة في نقل المرض, وقبيل بداية القرن العشرين كانت هناك عدة فرضيات تحاول تفسير سبب وباء الحمى الصفراء, وفي عام ١٨٨١ افترض كارلوس فينلاي أن الناقل هو البعوض, وهو ما أكده ميجور والتر عام ١٩٠٠ وأثبته ويليام جورجاس في القرن العشرين, وبالتخلص منه أثناء شق قناة بنما تراجع المرض, وفي نفس الفترة اكتشف باتريك مانسون طفيل الفلاريا الذي يسبب داء الفيل، وعرف أن الناقل له هو البعوض كما ينقل طفيل الملاريا, وكلمة "ملاريا" إيطالية الأصل وتعني الهواء الفاسد, وقد بقيت مستخدمة حاليا كمصطلح تاريخي يعكس الاعتقاد الخاطئ بأن المرض ينتقل للإنسان عن طريق الهواء الفاسد, وذلك قبل أن يُعرف دور البعوضة في نقل الطفيليات المجهرية التي تسببه. والبعوضة mosquito في الاصطلاح العلمي حشرة ضئيلة من ثنائيات الأجنحة, وفم الذكر ماص وليس له أية أجزاء ثاقبة ليمص الدماء, ولكن الأنثى وحدها فمها مصمم على ثقب جلد الإنسان والحيوانان ذات الدماء الحارة، لتتغذى عليها باعتبارها مصدر غني بالبروتين اللازم لإنتاج البيض, وتفرز الأنثى على الجرح سوائل من غدتها