من ترك الصلاة بالكلية يستتاب، فإن تاب ورجع إلى الصلاة وإلا قتل بإجماع أهل العلم من السلف والخلف بلا منازع، ولكن اختلفوا هل يقتل كفراً أي لردته، أو يقتل حداً؟ ذهب الإمامان مالك، وأبو حنيفة، والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه أنه يقتل مرتداً فلا يرث ولا يورث، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين استناداً إلى نصوص كثيرة منها قوله –تعالى-: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"[البقرة:٢١٧] ، وقوله –تعالى-: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون"[الماعون:٥] ، فإذا كان هذا العذاب الشديد قد توعد الله به من انشغل عن الصلاة فلم يصلها إلا بعد خروج وقتها، فعذاب من تركها بالكلية أشد وأعظم، وبمثل قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "إن بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه مسلم (٨٢) من حديث جابر – رضي الله عنه -، وذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد في الرواية الأخرى، والصحيحة عنه إلى أن من ترك الصلاة تهاوناً أو كسلاً يقتل حداً لا كفراً، ومعنى ذلك: أنه مسلم له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، واستدلوا لهذا القول بأدلة أيضاً من القرآن والسنة، كقوله –تعالى-: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"[النساء:٤٨] ، فهذا نص على أن كل الذنوب ومنها ترك الصلاة يغفره الله إذا شاء ما عدا الشرك، فإن من مات عليه لا يغفر الله له فهو خالد مخلد في النار، وبمثل قوله –تعالى- حكاية عن قول الحواريين:"إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين"[المائدة:١١٢] ، وجه الاستدلال: أن الشك في قدرة الله كفر بدليل قوله: "اتقوا الله إن كنتم مؤمنين"، ومع هذا لم يكفر الحواريون بقولهم هذا، واستدلوا من السنة بحديث رواه البخاري (٧٥٠٦) ومسلم (٢٧٥٦) من