للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: الأذان الذي يكون في آخر الليل، أليس هو الأذان الأول للفجر بدليل حديث ابن عمر قال: إنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ". أخرجه البخاري (١٩١٩) ومسلم (١٠٩٢) ، فالجواب: أن أذان بلال إنما هو ليوقظ النائم ويرجع القائم، كما جاء ذلك في رواية الجماعة: "لِيَرْجِعَ قائِمَكُمْ ويُوقِظَ نائِمَكُمْ". أخرجه البخاري (٧٢٤٧) ومسلم (١٠٩٣) . إذًا فليس أذانًا لصلاة الفجر، وهذا رابعًا.

فإن قيل: أليس المراد بقول: "الصلاةُ خيرٌ من النومِ". صلاة التهجد؟ لأنه لا مفاضلة بين صلاة الفريضة والنوم، وعليه، فلا تقال في الأذان الذي بعد طلوع الفجر، وإنما تقال في الأذان الذي يكون آخر الليل قبل طلوع الفجر. فالجواب: أن الخيرية قد قيلت في أوجب الواجبات وفي بعض الواجبات، كما في قوله تعالى: (} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ

عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ

فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ) ] الصف: ١٠-١١ [. وقوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ) . وعليه فقول: "الصلاةُ خيرٌ من النومِ". سنة في أذان الفجر الذي يكون بعد طلوع الفجر، ولو قيلت في الأذان الذي يكون آخر الليل لقلنا: إن هذا غير مشروع. وهذا خامسًا. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>