وحكى عنه الحافظ ابن حجر في التلخيص (١/١٩٨) ، أنه قال:"لا نعرف لعبد الله بن زيد شيئاً يصح إلا حديث الأذان، ثم قال الحافظ: وكذا قال البخاري، ا. هـ، وقد فسر الحافظ ابن حجر في الفتح (٢/٨٧) ، هذا الحديث، فإنه أندى صوتاً منك، فقال: أي: أقعد في المد، والإطالة، والإسماع؛ ليعم الصوت، ويطول أمد التأذين، فيكثر الجمع، ويفوت على الشيطان مقصوده من إلهاء الآدمي عن إقامة الصلاة في الجماعة، ا. هـ، وقال الشوكاني في النَّيْل (٢/٢٠) ، أي: أحسن صوتاً منك، ا. هـ، وقد ذكر هذين القولين الإمام ابن الأثير في النهاية (٥/٣٦) ، فقال: أي: أرفع وأعلى، وقيل: أحسن وأعذب، وقيل: أبعد ... ا. هـ.
فأما زيادة التلحين والتطريب فقد كرهها بعض أهل العلم، بل ذهب بعضهم إلى التحريم إذا أدى التلحين والترنم إلى تغيير مقتضيات الحروف، بحيث يتغير المعنى، كمدِّ همزة (أكبر) بحيث تصير استفهاماً، أو مدِّ باء (أكبر) بحيث يصير جمع (كبر) وهو طبل له وجه واحد، وهكذا ... وإلى هذا ذهب العز بن عبد السلام، كما حكى عنه الهيثمي في المنهج القويم
(١/١٥٤) ، واستدلوا بمجموعة من أدلة الآثار والمعنى، ومنها الأثر الذي ورد عن الضحاك بن قيس، وعن ابن عمر – رضي الله عنهما- كما أشار إليه السائل وقد وردا بإسنادين ضعيفين:
فالأول أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٨٥٣) ، عن معمر عن قتادة عن الضحاك ابن قيس: أن رجلاً قال: إني لأحبك في الله، قال له: ولكني أبغضك في الله، قال: لم؟ قال: إنك تبغي في آذانك، وتأخذ الأجر على كتاب الله" وسنده ضعيف؛ لأنه من طريق قتادة، وهو مدلس، ولم يصرح بالتحديث فيكون منقطعاً، وأيضاً فإنه لم يدرك الضحاك إلا وعمره ثلاث سنين أو أربع، حيث إن قتادة ولد سنة (٦١هـ) ، وتوفي الضحاك بن قيس سنة:(٦٥) ، وهذا شاهد آخر على الانقطاع.
وأما الطريق الثاني: فأخرجه أيضاً عبد الرزاق في مصنفه (١/٤٨١) ، وابن عدي في الكامل