فهذا الحديث المشار إليه وما قاله الحافظ ابن حجر يمكن أن يستأنس به في هذا الباب، وقد علق أبوبكر بن العربي على حديث عبد الله بن مغفل بقوله في أحكام القرآن (٤/٤) : واستحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالألحان والترجيع، وكرهه مالك، وهو جائز لقول أبي موسى -رضي الله عنه- للنبي عليه الصلاة والسلام" لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيراً" رواه البيهقي في السنن الكبرى (٤٣٧١) ، وأصله في الصحيحين البخاري (٥٠٤٨) ، ومسلم (٧٩٣) يريد: لجعلته لك أنواعاً حساناً وهو التلحين.. وقد سمعت تاج القراء ابن لفته بجامع عمرو يقرأ "ومن الليل فتهجد به نافلة لك"[الإسراء: ٧٩] ، فكأني ما سمعت الآية قط، وسمعت ابن الرفاء وكان من القراء العظام يقرأ، وأنا حاضر بالقرافة (كهيعص) فكأني ما سمعتها قط.. والقلوب تخشع بالصوت الحسن كما تخضع للوجه الحسن، وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر، وأقرب إلى لين القلوب، وذهاب القسوة منها ... " اهـ.
أما إن كان جهاز الصدى على وضع زائد في التردد بحيث ربما يشوش على المصلي، ويفوت عليه الخشوع، وربما ظن السامع زيادة بعض الحروف في الكلمة الواحدة، فهو حينئذ مناقض لمقصود الشارع من تحسين الصوت، فأقل أحواله الكراهة، بل ذهب بعض المعاصرين إلى تحريم استعماله حينئذ، ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى والرسائل له (١٥/١٦٠) ، وهو قول قوي. والله تعالى أعلم.