القول الثالث: وقال إسحاق له أن يقصر مطلقاً لأنها صلاة يجوز فعلها ركعتين فلم تزد بالإتمام.
القول الرابع: وقال ابن حزم: يجب على المسافر أن يقصر ولوائتم بمقيم -،ونقله عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم عن أبيه. واستدل على ذلك:
١-بأن واجب المسافر ركعتان في كل حال منفردا أوإماماً أو مأموما كما جاء في النصوص.
٢-ولأن المقيم خلف المسافر يتم، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في التقصير، فكذلك المسافر خلف المقيم يقصر، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في الاتهام وكل أحد يصلي لنفسه، وإمامة كل واحد منهما للأخر جائزة، ولافرق. وقال: فالواجب على المسافر جملة القصر والمقيم جملة يتم ولا يراعي أحد منهما إماماً.
والذي يظهر ترجيح القول الأول قول الجمهور والأئمة الأربعة، لأنه قول ثلاثة من الصحابة ابن عباس وابن مسعود ولا مخالف لهم من الصحابة وقد ذهب بعض الفقها والأصوليون إلى أن قول أو فعل الصحابي في مسألة لا نص صريح فيها أنه حجة، وقد رجحه ابن القيم ونسبه إلى جمهور الأئمة ومال إليه ابن تيمية في الفتاوى. وأما قول ابن عباس (تلك سنة أبى القاسم) فليست صريحة في الرفع، وفي مثل هذه الصيغة اختلاف بين العلماء، ولو كانت مثل هذه الصيغة تفيد الرفع فما يمنع الصحابة من رفع الحديث إلى النبي ـصلى الله غليه وسلم ـ مباشرة فهو أقوى في الاستدلال، فلعل مرادهم الاستنباط من عموم النصوص أو مرادهم أن هذا هو الذي عليه العمل، أو غير ذلك من الاحتمالات.
وعلى كل حال فقوله ((تلك سنة آبي القاسم ـصلى الله عليه وسلم)) تضفي على القول الأول قوة، وتقدمه على غيره من الأقوال.
وفي القول الثاني وجاهة ـوان كان دون سابقه ـ لعدم صورة المخالفة في إقتداء المسافر بالمقيم.