الجواب: كلا فليس ثمة حرمة أو تناقص، ثم اعلم أن عثمان - رضي الله عنه- حين جمع القرآن أقره كل الصحابة - رضي الله عنهم- على فعله، وأجمعوا عليه بما فيهم ابن مسعود، وأبو الدرداء- رضي الله عن الجميع.
وأما ما نقل عن ابن مسعود وأبي الدرداء -رضي الله عنهما- من قراءة "الذكر والأنثى" فالإسناد إليها من أصح الأسانيد، والرواية أخرجها الشيخان كلاهما وليس البخاري فقط. ففي البخاري (٦٢٧٨) ومسلم (٨٢٤) بيد أنها قراءة منسوخة لإمكانية النسخ شرعاً وعقلاً، قال الله:"ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير أو مثلها ... "[البقرة:١٠٦] ، ولعل النسخ لم يبلغ هذين الصحابيين الجليلين - رضي الله عنهما-.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله-: ولعل هذا مما نسخت تلاوته، ولم يبلغ النسخ أبا الدرداء ومن ذكر معه -رضي الله عنهم-، والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة وعن ابن مسعود - رضي الله عنه- وإليها تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لم يقرأ بها أحد منهم، وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء ولم يقرأ أحد منهم بهذا، فهذا مما يقوي أن التلاوة بها نسخت، ا. هـ الفتح (٨/٧٠٧) .
وأما الآية الأخرى التي سألت عنها فهي قوله تعالى:"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج ... "[البقرة:٢٤٠] . وهي آية منسوخة حكماً باقية تلاوة؛ لأن النسخ أنواع منها:
(١) أن ينسخ اللفظ والحكم.
(٢) أن ينسخ اللفظ ويبقى الحكم.
(٣) أن ينسخ الحكم ويبقى اللفظ مثل عدة المتوفى زوجها في الآية السابقة، فقد كانت العدة حولاً كاملاً، فنسخت إلى أربعة أشهر وعشرة أيام، كما في قوله تعالى:"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً.." الآية وكلتاهما في البقرة [الآية:٢٣٤] .