وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنه معكم سميع قريب" أخرجه البخاري (٢٩٩٢) ، ومسلم (٢٧٠٤) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:(قال الطبري: فيه كراهية رفع الصوت بالدعاء والذكر، وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:(ورفع الصوت قدام الخطيب مكروه أو محرم اتفاقا، ولا يرفع المؤذن ولا غيره صوته بصلاة ولا غيرها) .
ويلحظ أن هذا الذي نبه عليه الشيخ لا يزال معمولا به في بعض البلدان، من رفع الصوت بالصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو بالذكر حال الخطبة أو بين الخطبتين.
وقال ابن مفلح -رحمه الله-: "يكره رفع الصوت بالدعاء مطلقا، قال المروزي: سمعت أبا عبد الله يقول: ينبغي أن يسرَّ دعاءه؛ لقوله تعالى: "وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً" [الإسراء:١١٠] قال: هذا الدعاء.
الوجه الثاني: أن في ذلك رفعاً للصوت في المسجد، وحق المساجد أن تحترم، ولذلك
قال الإمام مالك - رحمه الله - بكراهة رفع الصوت في المسجد مطلقاً.
الوجه الثالث: أن في ذلك تشويشاً على المستمعين إلى الخطبة, والمشروع هو الإنصات لمن يستمع لخطبتي الجمعة.