ولكن الإنسان إذا صلى خلف إمام يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر بصفة دائمة، فإنه يتابعه في الصلاة والقنوت، ويؤمِّن على دعائه، وإن كان المصلي لا يرى مشروعية هذا الأمر؛ لأن مصلحة اجتماع الناس والتفاف بعضهم ببعض خير من التفرق من أجل أمرٍ مختلف فيه، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى قريبٍ من هذا المعنى، حيث قال: (ولهذا ينبغي للمأموم أن يتبع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد، فإذا قنت قنت معه، وإن ترك القنوت لم يقنت، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم - قال:"إنما جُعل الإمام ليؤتم به" رواه البخاري (٣٧٨) ، ومسلم (٤١١) من حديث أنس – رضي الله عنه -، وقال:" لا تختلفوا على أئمتكم" انظر ما رواه البخاري (٧٢٢) ، ومسلم (٤١٤) من حديث أنس – رضي الله عنه -، وثبت عنه في الصحيح أنه قال:" يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم " رواه البخاري (٦٩٤) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - ...فإذا قنت لم يكن للمأموم أن يسابقه، فلا بد من متابعته، ولهذا كان عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قد أنكر على عثمان –رضي الله عنه- التربيع بمنى، ثم إنه صلى خلفه أربعاً، فقيل له في ذلك، فقال: الخلاف شر. وكذلك أنس بن مالك – رضي الله عنه- لما سأله رجل عن وقت الرمي، فأخبره، ثم قال: افعل كما يفعل إمامك، والله أعلم) ا. هـ
ولهذا فإن المشروع في حقكم متابعة الإمام في القنوت، وفي التأمين، ورفع الأيدي أثناء الدعاء. هذا الأمر فيما إذا صليتم مع هذا الإمام الذي يقنت في الفجر بصفةٍ دائمةٍ، أما إذا صليتم لوحدكم فلا تقنتوا؛ لأنكم ترون عدم مشروعية هذا القنوت، إلا إذا نزلت بالمسلمين نازلة فيكون القنوت حينئذٍ مشروعاً كما سبق بيانه.